responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحو البصريين و الكوفيين المؤلف : ابن الأنباري    الجزء : 1  صفحة : 196

و منه قولهم «ليل نائم» فأضافوا النوم إلى الليل لكونه فيه، قال الشاعر:

[150]

لقد لمتنا يا أمّ غيلان في السّرى‌

 

و نمت، و ما ليل المطيّ بنائم‌

 

أي بمنوم فيه، و منه قولهم «يوم فاجر» فأضافوا الفجور إليه لأنه يقع فيه، قال الشاعر:

[151]

و لمّا رأيت الخيل تترى أثائجا

 

علمت بأنّ اليوم أحمس فاجر

 

أي مفجور فيه، و الشواهد على هذا النحو من كتاب اللّه تعالى و كلام العرب أكثر من أن تحصى؛ فدل على أن المراد بقولهم: «مركب فاره، و مشرب عذب» موضع للركوب و موضع الشرب، و أضيف إليه الفراهة و العذوبة للمجاورة على ما بيّنا.

و قد أفردنا في هذه المسألة جزءا استوفينا فيه القول، و استقصينا فيه الكلام، و اللّه أعلم.

[150] هذا البيت من قصيدة طويلة لجرير بن عطية ثابتة في ديوانه (553) و هي إحدى النقائض بينه و بين الفرزدق، و قد وردت في النقائض (ص 753 ليدن) و البيت من شواهد الإيضاح للقزويني (ص 27 بتحقيقنا) و السرى- بضم السين مقصورا، بزنة الهدى- السير ليلا.

و الاستشهاد بالبيت في قوله «و ما ليل المطي بنائم» حيث أسند النوم إلى ضمير مستتر يعود إلى الليل، و قد جعل الليل نائما بسبب كونه ظرفا يقع فيه النوم، و قد ورد هذا الاسناد المجازي في كلام جرير نفسه عدة مرار، منها قوله يهجو البراجم:

و ما علم الأقوام أسرق منكم‌

 

و ألأم لؤما منك قيس البراجم‌

لقد أمن الأعداء أن تفجعوهم‌

 

و ما ليل جار حل فيكم بنائم‌

 

و منها قوله في ربيعة:

باتت ربيعة لا تعرس ليلها

 

عني، و ليلي عن ربيعة نائم‌

 

و نظيره قول الراجز، و هو من شواهد الإيضاح أيضا (ص 26):

* فنام ليلي و تجلى همي*

 

 

 

[151] لم أعثر لهذا البيت على نسبة إلى قائل معين، و «تترى» من المواترة، و هي التتابع؛ فهذه التاء بدل من واو، مثل التاء من «تخمة» و «تكلة» فإن أصل هذه التاء واو، و في القرآن الكريم: ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا قالوا: هو من المواترة و هي تتابع الأشياء و بينها فجوات و فترات؛ لأن بين كل رسولين فترة، و من العرب من ينونها فيجعل ألفها للإلحاق بمنزلة أرطى و معزى، و منهم من لا ينونها يجعل ألفها للتأنيث مثل ألف سكرى و غضبى. و قالوا «جاءت الخيل تترى» يريدون جاءت متقطعة. و قوله «أثائج» هي عندي جمع وثيج، و قد قالوا «فرس وثيج» يريدون أنه قوي، و قيل: مكتنز، جمعوه على وثائج، ثم أبدلوا من الواو همزة فقالوا «أثائج». و الاستشهاد من هذا البيت في قوله «أن اليوم أحمس فاجر» حيث أسند الفجور إلى اليوم بسبب كونه ظرفا زمانيا يقع فيه الفجور، على مثال ما ذكرناه في شرح الشاهد السابق.

اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحو البصريين و الكوفيين المؤلف : ابن الأنباري    الجزء : 1  صفحة : 196
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست