اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحو البصريين و الكوفيين المؤلف : ابن الأنباري الجزء : 1 صفحة : 140
20 مسألة [القول في
تقديم معمول خبر «ما» النافية عليها]
ذهب الكوفيون إلى أنه يجوز «طعامكما زيد آكلا». و ذهب البصريون إلى أنه
لا يجوز. و ذهب أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب من الكوفيين إلى أنه جائز من وجه
فاسد من وجه؛ فإن كانت «ما» ردا لخبر
كانت بمنزلة لم و لا يجوز التقديم، كما تقول لمن قال في الخبر «زيداآكل طعامك» فتردّ عليه نافيا «مازيد آكلا طعامك» فمن هذا الوجه يجوز
التقديم؛ فتقول «طعامكما زيد آكلا» فإن كان جوابا للقسم إذا
قال «واللّه ما زيد بآكل طعامك» كانت بمنزلة
اللام في جواب القسم؛ فلا يجوز التقديم.
أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا: إنما جوزنا
ذلك لأن ما بمنزلة لم و لن و لا؛ لأنها نافية كما أنها نافية، و هذه الأحرف يجوز
تقديم معمول ما بعدها عليها، نحو «زيدالم أضرب، و عمرا لن أكرم، و بشرا لا أخرج» فإذا جاز التقديم مع هذه
الأحرف فكذلك مع ما.
و أما البصريون فاحتجوا بأن قالوا: إنما قلنا
إنه لا يجوز ذلك لأن «ما» معناها النفي، و يليها الاسم و الفعل؛
فأشبهت حرف الاستفهام، و حرف الاستفهام لا يعمل ما بعده فيما قبله، فكذلك هاهنا: «ما» لا يعمل ما بعدها فيما قبلها.
و أما الجواب عن كلمات الكوفيين: أما قولهم «إنما بمنزلة لم و لن و لا» قلنا [80] لا
نسلم؛ لأن «ما» يليها الاسم و الفعل، و أما لم و لن
فلا يليهما إلا الفعل؛ فصارا بمنزلة بعض الفعل، بخلاف ما فإنها يليها الاسم و
الفعل، و أما لا فإنما جاز التقديم معها- و إن كانت يليها الاسم و الفعل- لأنها
حرف متصرف فعمل ما قبله فيما بعده، ألا ترى أنك تقول: «جئتبلا شيء» فيعمل ما قبله فيما بعده؛ فإذا جاز أن يعمل ما قبله فيما
بعده جاز أن يعمل ما بعده فيما قبله، فبان الفرق بينهما.
و أما ما ذكره أبو العباس ثعلب من التفصيل- من
أنه إذا كانت ردا لخبر جاز التقديم، و إن كانت جوابا للقسم لم يجز- ففاسد؛ لأن ما
في كلا القسمين نافية؛ فينبغي أن لا يجوز التقديم فيهما جميعا؛ لما بيّنا، و اللّه
أعلم.
اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحو البصريين و الكوفيين المؤلف : ابن الأنباري الجزء : 1 صفحة : 140