قال
رحمهالله : إذا باع أحد الغانمين غانما شيئا أو
وهبه لم يصح ، ويمكن أن يقال : يصح في قدر حصته ويكون الثاني أحق باليد على قول ،
ولو خرج هذا إلى دار الحرب أعاده إلى المغنم لا إلى دافعه ، ولو كان القابض من غير
الغانمين لم تقر يده عليه.
أقول
: وجه إمكان الصحة في قدر حصته ، لأنه باع مالا مشتركا
بينه وبين غيره فيصح في قدر حصته ويبطل في قدر حصة غيره ، والصحة في قدر حصته
مبنية على أن الملك ، هل يحصل بمجرد الاستيلاء ، أو به مع اختيار التملك ، أو
بالقسمة ، أو تكون القسمة كاشفة عن سبق الملك بالاستيلاء ، وان حصلت تبينا سبق
الملك بالاستيلاء ، وإن تلف المال أو أعرض الغانم عن حصته تبينا عدم ملكه
بالاستيلاء؟ الجميع محتمل ، أما احتمال الملك بالاستيلاء من غير افتقار إلى غيره ،
لأن الاستيلاء على ما ليس بمعصوم من الأموال سبب لتملكه ، ولأن ملك الكافر يزول
عنه بالاستيلاء عليه ، فلو لم يدخل في ملك من استولى عليه بقي بغير مالك ، وهو غير
جائز.
وأما احتمال
الملك إن قصد التملك عند الحيازة ، [ف] لأن الأصل عدم تجدد الملك إلا مع ثبوت
السبب المقتضي له ، وقد بينا أن الجهاد ليس لقصد الملك ، بل لحفظ ملة الإسلام ،
فلا بد للملك من سبب غيره وهو القصد إلى التملك بعد الحيازة ، وأما وجه التملك
بالقسمة ، [ف] لأنه لو ملك قبل القسمة بالاستيلاء ، لما جاز مشاركة من لا يحضر
الاستيلاء ، ولما زال بالإعراض عنه ، لأن سبب زوال الملك أشياء مخصوصة ليس الإعراض
هاهنا [١٩] منها.