اسم الکتاب : المقاصد العلية في شرح الرسالة الألفية المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 1 صفحة : 46
و من الجمهور، حيث اكتفوا به في الأصول[1]، فأراد المصنّف بذلك التصريح بخلاف مقالتهم بعد إيجابه
للمعارف بالدليل؛ لزيادة البيان. و لأنّه لا يلزم من إيجاب الدليل مطلقا عدم إيجاب
غيره؛ لجواز وجوب أحد الأمرين تخييرا، و الواجب التخييري أحد أفراد الواجب بقول
مطلق.
و المراد
بالتقليد: الأخذ بقول الغير من غير دليل، مأخوذ من تقليده بالقلادة و جعلها في
عنقه، كأنّه يجعل ما يعتقده من قول الغير من حقّ أو باطل قلادة في عنق من قلّده، و
من اشتقاقه يظهر اعتلاله و خطره.
(و العلم
المتكفّل) أي الضامن مجازا (بذلك) الواجب من هذه
المعارف بأدلتها هو (علم الكلام) و هو العلم الباحث عن الذات الإلهيّة
و صفاتها و أفعالها، و النبوّة، و الإمامة، و المعاد، و ما جاء به النبيّ صلّى
اللّه عليه و آله من الشرائع و الأحكام و تفاصيل الأحوال على قانون الإسلام، سمّي
بذلك؛ لأنّه أوّل ما يجب من العلوم التي لا تعلّم و لا تتعلّم إلّا بالكلام، فأطلق
عليه هذا الاسم لذلك.
و لأنّه
يورث قدرة على الكلام في تحقيق الشرعيات، و إلزام الخصوم و حلّ الشبهات، و إيراد
السؤالات و الجوابات.
و لأنّه
أكثر العلوم خلافا و نزاعا، فيشتد افتقاره إلى الكلام مع المخالفين و الردّ عليهم.
و لأنّ
مسألة الكلام كانت أشهر مباحثه و أكثرها نزاعا و جدالا، حتى قتل بسببها خلق كثير،
فضلا عن العداوة فيها.
و لأنّ
عنوان مباحثه كان قولهم: الكلام في كذا و كذا.
و لأنّه
لقوّة أدلّته صار كأنّه هو الكلام دون ما عداه من العلوم، كما يقال للكلام المتين:
هذا هو الكلام.
و لأنّه
لابتنائه على الأدلّة القطعيّة أشد العلوم تأثيرا في القلب، فسمّي بالكلام
[1]
انظر عدّة الأصول: 294، المسالك الجامعيّة في شرح الألفيّة المطبوعة بهامش الفوائد
المليّة: 11، المستصفى من علم الأصول 2: 401، الإحكام في أصول الأحكام 4: 229، المحصول
في علم الأصول 2: 539.
اسم الکتاب : المقاصد العلية في شرح الرسالة الألفية المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 1 صفحة : 46