اسم الکتاب : الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية (سلطان العلماء) المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 1 صفحة : 267
(ج 3/ ص 191)
كتاب العطية
و هي أي العطية
باعتبار الجنس أربعة
الأول الصدقة
و هي عقد
يفتقر إلى إيجاب و قبول إطلاق العقد على نفس العطية لا يخلو من تساهل بل في
إطلاقه على جميع المفهومات المشهورة من البيع و الإجارة و غيرهما و إنما هو دال
عليها- و يعتبر في إيجاب الصدقة و قبولها ما يعتبر في غيرها من العقود اللازمة- و قبض
بإذن الموجب بل بإذن المالك فإنه لو وكل في الإيجاب لم يكن للوكيل الإقباض- و من
شرطها القربة فلا تصح بدونها و إن حصل الإيجاب و القبول و القبض للروايات الصحيحة
الدالة عليه- فلا يجوز الرجوع فيها بعد القبض لتمام الملك و حصول
العوض و هو القربة كما لا يصح الرجوع في الهبة مع التعويض و في تفريعه بالفاء
إشارة إلى أن القربة عوض بل العوض الأخروي أقوى من العوض الدنيوي- و
مفروضها محرم على بني هاشم من غيرهم إلا مع قصور خمسهم- لأن الله تعالى
جعل لهم الخمس عوضا عنها و حرمها عليهم معللا بأنها أوساخ الناس و الأقوى اختصاص
التحريم بالزكاة المفروضة دون المنذورة و الكفارة و غيرهما و التعليل بالأوساخ
يرشد إليه- و يجوز الصدقة على الذمي رحما كان أم غيره و على المخالف للحق لا
الحربي و الناصب و قيل بالمنع من غير المؤمن و إن كانت (1) ندبا (2) و هو
بعيد (ج 3/ ص 192) و صدقة السر أفضل إذا كانت مندوبة
للنص عليه في الكتاب (3) و السنة- إلا أن يتهم بالترك فالإظهار أفضل دفعا
لجعل عرضه عرضة للتهم فإن ذلك أمر مطلوب شرعا حتى للمعصوم كما ورد في الأخبار و
كذا الأفضل إظهارها لو قصد به متابعة الناس له فيها لما فيه من التحريض على نفع
الفقراء.
الثاني الهبة
و تسمى
نحلة و عطية و تفتقر إلى الإيجاب- و هو كل لفظ دل على تمليك العين من غير عوض
(4) كوهبتك و ملكتك و أعطيتك و نحلتك و أهديت إليك و هذا لك مع نيتها و نحو ذلك- و القبول و هو اللفظ
الدال على الرضا- و القبض بإذن الواهب- إن لم يكن مقبوضا بيده من قبل- و لو
وهبه ما بيده لم يفتقر إلى قبض جديد و لا إذن فيه و لا مضي زمان يمكن فيه
قبضه لحصول (ج 3/ ص 193) القبض المشروط فأغنى عن قبض آخر و عن مضي
زمان يسعه- إذ لا مدخل للزمان في ذلك مع كونه مقبوضا و إنما كان معتبرا مع عدم
القبض لضرورة امتناع حصوله (5) بدونه (6) و إطلاق العبارة يقتضي عدم الفرق بين
كونه بيده بإيداع أو عارية أو غصب أو غير ذلك و الوجه واحد و قيل بالفرق بين القبض
بإذنه و غيره و هو حسن إذ لا يد للغاصب شرعا- و كذا إذا وهب
الولي الصبي أو الصبية- ما في يد الولي كفى الإيجاب و القبول من غير
تجديد