سلّمنا أنّها منزلة، لكنّها قد اشتملت على مواعظ لا غير، و ليس فيها أحكام مشروعة، فلم يكن لها حرمة الكتب المشروعة.
احتجّ المخالف: بقوله تعالى: مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتٰابَ حَتّٰى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صٰاغِرُونَ [1] و هم أهل كتاب.
و لأنّ المجوس يقرّون و لم يثبت لهم كتاب بل شبهة كتاب، فإقرار هؤلاء على ثبوت الكتاب لهم حقيقة أولى [2].
و الجواب عن الأوّل: أنّ اللام في الْكِتٰابَ هنا للعهد إجماعا، و المراد به حينئذ: التوراة أو [3] الإنجيل.
و عن الثاني: أنّهم ملحقون
بقوله عليه السلام: «سنّوا بهم سنّة أهل الكتاب»
[4]. قال أبو إسحاق من الشافعيّة: لو أسلم منهم اثنان و شهدا بأنّ لهم كتابا يتمسّكون به، ثبت لهم حرمة ذلك [5]. و هو بناء على الأصل الفاسد.
مسألة: قال ابن الجنيد منّا: إنّ الصابئين تؤخذ منهم الجزية
و يقرّون عليها، كاليهود و النصارى [6]. و هو أحد قولي الشافعيّ؛ بناء على أنّهم من أهل الكتاب، و إنّما يخالفونهم في فروع المسائل لا في أصولهم [7].
[2] الحاوي الكبير 14: 287، المجموع 19: 388.
[3] خا، ق: و، مكان: أو.
[4] الموطّأ 1: 278 الحديث 42، سنن البيهقيّ 9: 189، كنز العمّال 4: 502 الحديث 11490، المصنّف لعبد الرزّاق 6: 68 الحديث 10025، المصنّف لابن أبي شيبة 7: 584 الحديث 6، المعجم الكبير للطبرانيّ 19: 437 الحديث 1059، مجمع الزوائد 6: 13، الحاوي الكبير 14: 285.
[5] الحاوي الكبير 14: 290.
[6] نقله عنه في المختلف: 333.
[7] الحاوي الكبير 14: 294، المهذب للشيرازيّ 2: 321، حلية العلماء 7: 697، مغني المحتاج 4:
244.