اسم الکتاب : منتهى المطلب في تحقيق المذهب المؤلف : العلامة الحلي الجزء : 15 صفحة : 154
و لا يكفي وقوع ذلك في قلبه حتّى يكون عن أمارة تدلّ على ما خافه.
و لا تنتقض
الهدنة بتيسّر الخوف، بل للإمام نقضها، و هذا بخلاف الذمّيّ إذا خيف منه الخيانة،
فإنّ عقد الذمّة لا ينتقض بذلك؛ لأنّ عقد الذمّة يعقد لحقّ أهل الكتاب؛ بدليل أنّه
يجب على الإمام إجابتهم إليه، و عقد الهدنة و الأمان لمصلحة المسلمين لا لحقّهم،
فافترقا.
و لأنّ عقد
الذمّة آكد؛ لأنّه عقد معاوضة، و لأنّه مؤبّد، بخلاف الهدنة و الأمان، و لهذا لو
نقض بعض أهل الذمّة و سكت الباقون، لم ينتقض عهدهم، و لو كان في الهدنة انتقض.
و لأنّ أهل
الذمّة في قبضة الإمام و تحت ولايته، و لا يخشى الضرر كثيرا من نقضهم، بخلاف أهل
الهدنة، فإنّ الإمام يخاف منهم الغارة على المسلمين و الضرر الكثير منهم على المسلمين.
مسألة: إذا نقضت الهدنة
لخوف الإمام و نبذ إليهم عهدهم،
فإنّه
يردّهم إلى مأمنهم، ثمّ يكونون حربا، فإن كانوا لم يبرحوا[1] حصنهم جاز
قتالهم بعد النبذ إليهم؛ لأنّهم في منعتهم كما كانوا قبل العقد. و إن كانوا قد
نزلوا فصاروا في عسكر المسلمين، ردّهم الإمام إلى مأمنهم؛ لأنّهم دخلوا إليه من
مأمنهم، فكان عليه ردّهم إليه؛ لأنّه لو لا ذلك[2]، لكان
خيانة من المسلمين، و اللّه لا يحبّ الخائنين.
إذا ثبت
هذا: فإذا زال عقد الهدنة، نظر فيما زال به، فإن لم يتضمّن وجوب حقّ عليه، مثل أن
يأوي لهم عينا، أو يخبرهم بخبر المسلمين و يطلعهم على عوراتهم، ردّه إلى مأمنه، و
لا شيء عليه. و إن كان يوجب حقّا، فإن كان لآدميّ، كقتل نفس أو إتلاف مال، استوفي
ذلك منه، و إن كان للّه تعالى محضا، كحدّ الزنا و الشرب، أقيم
[1]
خا: لم ينزلوا. برح مكانه: أي زال عنه. لسان العرب 2: 408.