اسم الکتاب : منتهى المطلب في تحقيق المذهب المؤلف : العلامة الحلي الجزء : 15 صفحة : 125
و آله، فقالوا: يا نبيّ اللّه، إن كان هذا بأمر من السماء، فتسليم
لأمر اللّه، و إن كان برأيك و هواك، اتّبعنا رأيك و هواك، و إن لم يكن بأمر من
السماء و لا برأيك و هواك، فو اللّه ما كنّا نعطيهم في الجاهليّة بسرة و لا تمرة[1] إلّا شرى أو قرى، فكيف و قد أعزّنا
اللّه تعالى بالإسلام؟! فقال صلّى اللّه عليه و آله لرسوله: «أو تسمع؟»[2].
وجه
الدلالة: أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عرض عليهم ذلك؛ ليعلم قوّتهم من ضعفهم،
فلو لا جوازه عند الضعف، لما عرضه عليهم.
و أمّا إذا
لم يكن الحال حال ضرورة، فإنّه لا يجوز له بذل المال، بل يجب القتال و الجهاد؛
لقوله تعالى: قٰاتِلُوا الَّذِينَ لٰا يُؤْمِنُونَ بِاللّٰهِ
وَ لٰا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ إلى قوله:
و لأنّ فيه
صغارا و هوانا، أمّا مع الضرورة، فإنّما صيّر إلى الصّغار؛ دفعا لصغار أعظم منه،
من القتل و السبي و الأسر، الذي يفضي إلى كفر الذرّيّة، بخلاف حال غير الضرورة.
إذا ثبت
هذا: فهل بذل المال واجب أم لا؟ الأقرب: عدم وجوبه؛ لما بيّنّا من جواز القتال
ليلقى اللّه تعالى شهيدا. و إذا بذل المال، لم يملكه الآخذ؛ لأنّه يأخذه بغير حقّ،
فإذا ظفر بهم بعد ذلك أخذ منهم و ردّ إلى موضعه.
إذا عرفت
هذا: فإنّه يجوز أن يهادنهم عند الحاجة، على وضع شيء من حقوق المسلمين في أموال
المهادنين، كما شرط رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لثقيف أن