البلد للمسلمين و هو ملك لهم، فلا يجوز لهم أن يبنوا فيه مجامع الكفر.
فأمّا ما وجد من البيع و الكنائس في هذه البلاد، مثل كنيسة الروم في بغداد، فإنّها كانت في قرى لأهل الذمّة فأقرّت على حالها.
و الثاني: ما فتحه المسلمون عنوة،
فهو ملك المسلمين قاطبة- على ما قلناه في كتاب الزكاة [1]- و لا يجوز أيضا إحداث بيعة و لا كنيسة و لا صومعة لراهب فيها، لأنّها صارت ملكا للمسلمين.
و أمّا ما كان موجودا قبل الفتح، فإن هدمه المسلمون وقت الفتح، فلا يجوز استجداده أيضا؛ لأنّه بمنزلة الإحداث في ملك المسلمين.
و إن لم يهدموه، قال الشيخ- رحمه اللّه-: لا يجوز إقراره [2].
و للشافعيّ قولان: أحدهما: لا يجوز لهم تبقيته؛ لأنّ هذه البلاد ملك للمسلمين، فلا يجوز أن يكون فيها بيعة، كالبلاد التي أنشأها المسلمون.
و الثاني: يجوز إقرارهم عليها و لا تهدم [3]؛ لقول ابن عبّاس: أيّما مصر مصرته العجم، ففتحه اللّه على العرب فنزلوه، فإنّ للعجم ما في عهدهم [4].
و لأنّ الصحابة فتحوا كثيرا من البلاد عنوة، فلم يهدموا شيئا من الكنائس.
و كتب عمر بن عبد العزيز إلى عمّاله: أن لا يهدموا بيعة و لا كنيسة و لا بيت نار [5].
[2] المبسوط 2: 46.
[3] الحاوي الكبير 14: 321- 322، المهذّب للشيرازيّ 2: 327، منهاج الطالبين: 118، روضة الطالبين: 1837، المجموع 19: 412، مغني المحتاج 4: 254، السراج الوهّاج: 552.
[4] سنن البيهقيّ 9: 202، المصنّف لابن أبي شيبة 7: 634 الحديث 1، المغني 10: 600، الشرح الكبير بهامش المغني 10: 609.
[5] المصنّف لابن أبي شيبة 7: 634 الحديث 2، المغني 10: 600، الشرح الكبير بهامش المغني 10:
610.