اسم الکتاب : منتهى المطلب في تحقيق المذهب المؤلف : العلامة الحلي الجزء : 14 صفحة : 152
الرسالة، ثمّ قال له: إنّي أرسل على لساني إليك الأمان و لأهل ملّتك فافتح
الباب، ثمّ ناوله كتابا صنعه على لسان الأمير و قرأه بمحضر من المسلمين، فلمّا
فتحوا و دخل المسلمون و شرعوا في السبي، قال لهم أمير المشركين: إنّ رسولكم أخبرنا
أنّ أميركم أمّننا، و شهد أولئك المسلمون على مقالته، كانوا آمنين، و لا يجوز
سبيهم؛ لأنّ التمييز بين الحقّ و الاحتيال متعذّر في حقّ المبعوث إليه، إذ لا طريق
له إلى الوقوف إلى حقيقة الرسالة، و إنّما يتمكّن من الاعتماد على خبر الرسول،
فيجعل ما أخبر به الرسول، كأنّه حقّ و صدق بعد ما ثبتت رسالته؛ لئلّا[1] يؤدّي إلى الغرور في حقّهم و هو حرام،
كما لو قال لهم الأمير: إنّ هذا رسولي، ثمّ أتاهم بأمان، لكانوا آمنين، فكذا هنا.
مسألة: لو أرسل الأمير
إليهم من يخبرهم أنّه أمّنهم
ثمّ رجع
إليه فأخبره أنّه قد أدّى الرسالة، فهم آمنون و إن لم يعلم المسلمون التبليغ؛ لأنّ
الواجب هو البناء على الظاهر في ما لا يمكن الوقوف على حقيقته، و الظاهر: أنّ
الرسول بعد ما دخل إليهم أنّه لا يخرج إلّا بعد التبليغ. و لأنّ قول الرسول يحتمل
الصدق فتثبت شبهة التبليغ، و الأمان يتحقّق بالشبهة.
و لو كتب من
ليس برسول كتابا فيه أمانهم و قرأه عليهم و قال: إنّي رسول الأمير إليكم، لم يكن
أمانا من جهته؛ لأنّه ليس للواحد من المسلمين أن يؤمّن حصنا كبيرا، و لا من جهة
الإمام؛ لأنّه ليس برسوله و لا غرور هنا؛ لأنّ التقصير من جانبهم حيث عوّلوا على
قول مجهول لم يعتضد بشهادة أحد من المسلمين، و لا باعتبار الرسالة من الأمير في
وقت من الأوقات و الأمير غير متمكّن من الاحتراز عن مثل هذا؛ لأنّه لا يعرف
المفتعل[2] حتّى يمنعه من الافتعال[3].