اسم الکتاب : منتهى المطلب في تحقيق المذهب المؤلف : العلامة الحلي الجزء : 0 صفحة : 60
عدم نجاسة المذي حيث قدّم نصوصا على الطّهارة ثمَّ قال: (و لأنّ
الأصل الطّهارة فتستصحب إلى أنّ يقوم دليل المنافي) و مثل ذهابه إلى عدم نجاسة
«القيء» فيما أورد النّصّ أوّلا، ثمَّ عقّب قائلا: (و لأنّه طاهر قبل الاستحالة
فيستصحب).
و ما دام
المؤلّف يحرص على عرض أكثر من دليل كما سنرى لا حقا، حينئذ فإنّ المسوّغ لتقديم
«الأصل» إضافة إلى النّصّ يتناسب مع المنهج المذكور- و إن كنّا نتحفّظ في قيمة
الأصل مقابل النّصّ- فمع توفّر النّصوص الكثيرة الدّالّة على عدم نجاسة المذي،
تنتفي مشروعيته «الأصل» الّذي أورده المؤلّف، إلّا في حالة عدم قناعة المخالف
بالنّصوص الّتي استدلّ بها.
و ممّا تجدر
ملاحظته هنا أنّ المؤلّف يقدّم ما هو «أصل» على النّصّ في غالبيّة ممارساته بحيث
يعرض أوّلا «الأصل» ثمَّ يردفه بالنّصّ، و هذا من نحو ذهابه إلى عدم نجاسة عرق
الجنب حيث قال مستدلّا: (لنا: أنّ الأصل الطّهارة، فتستصحب، و ما رواه الشيخ في
الصّحيح. إلخ).
و من نحو
ذهابه إلى عدم جواز شهادة المرأة في الهلال، حيث قال: (لنا: الأصل براءة الذّمّة و
عدم التّكليف بالصّوم عند شهادتهنّ، و ما تقدّم في الحديث عن عليّ «ع».) ففي هذه
النّماذج و سواها، يقدّم المؤلّف «الأصل» أوّلا ثمَّ يدعمه بالنّصّ. لكن لا
فاعليّة لمثل هذا التّقديم، لبداهة أنّ النّصّ هو المحرز لاكتشاف الحكم، فكيف
يقدّم عليه ما هو غير محرز؟![10] و أيضا، ثمّة مسوّغ
آخر يمكن التّسليم به، و هو: ما إذا كان المؤلّف في صدد تقديم دليل يتوافق مع
مبادي «العامّة» مثلا، حينئذ يكون تقديم «الأصل» متجانسا مع المنهج المقارن. أمّا
في حالة العكس- كما هو ملاحظ مثلا في تعامل المؤلّف مع فقهاء الخاصّة الّذين أورد
و جهات نظرهم حيال طهارة أو نجاسة عرق الجنب، ثمَّ استدلّ ب «الأصل»
[10]
إلّا أن يقال: انّ هذا ليس من باب التّقديم، بل من باب أنّه القاعدة و الأصل الّتي
يرجع إليها عند عدم تماميّة الأدلّة.
اسم الکتاب : منتهى المطلب في تحقيق المذهب المؤلف : العلامة الحلي الجزء : 0 صفحة : 60