اسم الکتاب : منتهى المطلب في تحقيق المذهب المؤلف : العلامة الحلي الجزء : 0 صفحة : 57
بصير. و هناك رواية لسماعة تتضمّن نفس الحكمين، إلّا أنّ المؤلّف
رفضها لكون سماعة ضعيفا من جانب، و لكونها مضمرة لم يسندها إلى المعصوم «ع» من جانب
آخر، لذلك عقّب قائلا: (و الأقرب الإفساد، عملا بالرّواية الاولى، و بالاحتياط
المعارض لأصل البراءة).
كذلك في
ذهابه إلى مفطّريّة الغبار، استند إلى رواية سليمان المروزي: (سمعته يقول: إذا
تمضمض الصّائم في شهر رمضان أو استنشق متعمّدا أو شمّ رائحة غليظة أو كنس بيتا
فدخل في أنفه و حلقه غبار، فعليه صوم شهرين متتابعين.) حيث تضمّنت الرّواية أحكاما
لا قائل بها مثل مفطّريّة الرّائحة. و لكنّه قد اعتمدها بالنّسبة إلى الغبار «و
هذه الرّواية مضمرة» و لكنّه لم يعقّب عليها، لأسباب نذكرها لا حقا.
كذلك، نجده
قد اعتمد رواية عبد اللّه بن سنان الّتي تضمّنت حكمين، أحدهما:
طهارة و
مطهّريّة الماء المستعمل في رفع الحدث الأصغر، و الآخر: عدم مطهّريّة المستعمل في
رفع الحدث الأكبر، حيث عمل المؤلّف بجزئها الأوّل و رفض العمل بجزئها الآخر، علما
بأنّ الرّواية في طريقها أحمد بن هلال المعروف بالضّعف- و سنوضّح سرّ العمل بها في
حينه- بيد أنّ المهمّ هو: أنّ المؤلّف في هذه النّماذج الثّلاثة و في نماذج اخرى
لا ضرورة للاستشهاد بها قد فكّك بين محتويات النّصّ، فعمل بأحد أجزائها دون
الأجزاء الأخرى، انطلاقا من إدراكه لإمكانيّة مثل هذا التّفكيك بالرّواية، و هو
موقف يدلّ على صواب وجهة نظره ما دمنا قد أشرنا إلى أنّ إمكان التّوهّم في شيء لا
يستلزم التّوهّم في الأشياء الأخرى. لكن ثمّة ملاحظ[9] على نمط
تعامله مع أمثلة هذه النّصوص. فالمؤلّف عندما عرض رواية ابن سنان، لم يعلّق على
ضعفها مع أنّ دابة- كما لحظنا عند حديثنا عن منهجه المقارن في الخطوة الثّانية-
الإشارة إلى ضعف الخبر بالرّغم من كونه واردا ضمن أدلّته الشّخصيّة، و لكنّنا نجده
بعد سطور «و هو يدلّل على مطهّريّة الماء المستعمل في رفع الحدث الأكبر» و يردّ
القائلين بعدم مطهّريّته فيما استندوا إلى الجزء الآخر من رواية ابن سنان
[9]
إلّا أنّ هذه الملاحظة غير مرتبطة بمسألة تفكيك مضمون الحديث، فلبّ الملاحظة انّه
«استند في بعض الموارد إلى حديث أسنده إلى الضّعف في مورد آخر». و لعلّه يوجد في
كلامه حتّى في الأحاديث الغير المشتملة على ما لا قائل به، و هو بعهدة التّتبّع.
اسم الکتاب : منتهى المطلب في تحقيق المذهب المؤلف : العلامة الحلي الجزء : 0 صفحة : 57