اسم الکتاب : منتهى المطلب في تحقيق المذهب المؤلف : العلامة الحلي الجزء : 0 صفحة : 18
تعامله مع الرّواية الواحدة- من حيث طرفي المقارنة- يخضعها لمستويين
من التّعامل، حيث وجدناه يرفض الرّواية الّتي احتجّ بها «الطّوسيّ»، من خلال
«السّند»، و لكنّه عندما يناقش أبا حنيفة- حيث احتجّ أيضا بالرّواية المذكورة-
نجده يرفض الرّواية ليس من حيث «سندها» بل من حيث «دلالتها» فيما عقب عليها قائلا:
(لا يصحّ
احتجاج أبي حنيفة، لأنّه إذا وجب أنّ يؤخّرها، وجب عليها أن تتأخّر، و لا فرق
بينهما، بل الأولى أن يقول: إنّ المنهيّ هي المرأة عن التقدّم).
لا شك، انّ
أمثلة هذا التّعامل مع روايات الجمهور، تظلّ منهجا صائبا ما دام يأخذ بنظر الاعتبار
أدوات الجمهور و الخاصّة. حيث يتعيّن عليه أن يرفض روايات العامّة عند مناقشته
«الخاصّة»، مثلما يحق له أن يقدّم الرّواية الضّعيفة حينما يحتجّ بها على المخالف
في حالة كونها معتبرة لدى الأخير، و هذا ما نجده واضحا عندما يحتجّ- مثلا- على أبي
حنيفة برواية مرسلة ما دام الأخير لا يمانع من العمل بها- كما صرّح المؤلّف بذلك
في بعض احتجاجاته على الشّخص المذكور.
بيد أنّنا
لا نوافق المؤلّف على احتجاجه بالرّواية الضّعيفة في حالة تضمّنها ما هو مضادّ
لمبادئ الشّرع من جانب، و ما هو متناقض في الاستدلال بها من جانب آخر. و هذا ما
يمكن ملاحظته بوضوح في ممارستين للمؤلّف، تحدّث في أولاهما عن الكلام متعمّدا في
الصّلاة، و تحدّث في أخراهما عن الكلام ممّن ظنّ إتمامها، حيث رفض «في المسألة
الأولى» رواية للجمهور تزعم- كما أشرنا- بأنّ النّبيّ «ص» سلّم في ركعتي
الرّباعيّة نسيانا، فيما لفت «ذو اليدين» نظر النّبيّ «ص» إلى ذلك، و انّه «ص» قد
استفسر عن صحّة ما زعمه الشّخص المذكور. المؤلّف ردّ هذه الرّواية بجملة وجوه،
منها: انّ الرّاوي أبا هريرة أسلم بعد وفاة الشّخص المشار إليه بسنتين، و منها- و
هذا ما نعتزم التأكيد عليه-: انّ الرّواية تتضمّن ما يتنافى مع عصمة النّبي «ص» و
هو النّسيان.
أمّا «في
المسألة الثّانية» فإنّ المؤلّف يقدّم الرّواية ذاتها للتّدليل على جواز التّكلّم
بالنّسبة لمن ظنّ الإتمام. فبالرغم من أنّه لم يعتدّ بهذه الرّواية، حيث علّق
قائلا: (و رواية ذي اليدين- و ان لم تكن لنا حجّة- فهي في معرض الإلزام) إلّا أنّ
سوقها هنا للتّدليل على
اسم الکتاب : منتهى المطلب في تحقيق المذهب المؤلف : العلامة الحلي الجزء : 0 صفحة : 18