اسم الکتاب : مختلف الشيعة في أحكام الشريعة المؤلف : العلامة الحلي الجزء : 5 صفحة : 80
الموصل الأخبار التي يرويها أصحابنا المتضمنة لنفي الربا بين من
ذكرناه على أنّ المراد بذلك- و ان كان بلفظ الخبر- معنى الأمر، كأنّه قال: يجب
ألّا يقع بين من ذكرناه ربا، كما قال تعالى «وَ مَنْ
دَخَلَهُ كٰانَ آمِناً» و لقوله تعالى «فَلٰا رَفَثَ وَ لٰا فُسُوقَ وَ لٰا
جِدٰالَ فِي الْحَجِّ» و قوله- عليه السلام-:
«العارية مردودة و الزعيم غارم» و معنى ذلك كلّه معنى الأمر أو النهي و إن كان
بلفظ الخبر.
و اعتمدنا
في نصرة هذا المذهب على عموم ظاهر القرآن فإنّ اللّه حرّم الربا على كلّ متعاقدين،
لقوله تعالى «لٰا تَأْكُلُوا الرِّبَوا» و هو شامل للوالد و
ولده و الرجل و زوجته، ثمَّ قال: لمّا تأمّلت ذلك رجعت عن هذا المذهب، لأنّي وجدت
أصحابنا مجمعين على نفي الربا بين من ذكرناه و غير مختلفين فيه في وقت من الأوقات،
و إجماع هذه الطائفة قد ثبت أنّه حجة و يخص بمثله ظواهر القرآن، و الصحيح نفي
الربا بين من ذكرناه، و إذا كان الربا حكما شرعيا جاز أن يثبت في موضع دون موضع
كما يثبت في جنس دون جنس و على وجه دون وجه، فاذا دلّت الأدلّة على تخصيص من
ذكرناه وجب القول بموجب الدليل.
قال: و ممّا
يمكن أن يعارض ظواهره به من ظواهر القرآن، انّ اللّه تعالى قد أمر بالإحسان و
الإنعام، مضافا الى ما دلّ عليه العقول من ذلك، و حدّ الإحسان إيصال النفع لا على
وجه الاستحقاق الى الغير مع القصد الى كونه إحسانا، و معنى الإحسان ثابت فيمن أخذ من
غيره درهما بدرهمين، لأنّ من أعطى الكثير بالقليل و قصد به الى نفعه فيه فهو محسن
إليه، و انّما أخرجنا من عدا من استثنيناه من الوالد و ولده و الزوج و زوجته بدليل
قاهر تركنا له الظواهر، و هذا ليس مع المخالف في المسائل التي خالفنا فيها، فظاهر
أمر اللّه تعالى بالإحسان في مواضع كثيرة، كقوله تعالى وَ أَحْسِنْ
كَمٰا أَحْسَنَ اللّٰهُ إِلَيْكَ و قوله تعالى
إِنَّ اللّٰهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الْإِحْسٰانِ معارض
للآيات التي ظاهرها عام في تحريم الربا، فاذا قالوا بتخصيص آيات الإحسان لأجل آيات
الربا،
اسم الکتاب : مختلف الشيعة في أحكام الشريعة المؤلف : العلامة الحلي الجزء : 5 صفحة : 80