اسم الکتاب : مختلف الشيعة في أحكام الشريعة المؤلف : العلامة الحلي الجزء : 2 صفحة : 199
قال: إنّ الغلاة و المفوّضة- لعنهم اللّه تعالى- ينكرون سهوا النبي-
صلّى اللّه عليه و آله- و يقولون: لو جاز أنّ يسهو في الصلاة جاز أن يسهو في
التبليغ، لأنّ الصلاة عليه فريضة، كما أنّ التبليغ عليه فريضة. و هذا لا يلزمنا، و
ذلك أنّ جميع الأحوال المشتركة تقع على النبي- صلّى اللّه عليه و آله- فيها ما يقع
علي غيره، و هو متعبّد بالصلاة كغيره ممّن ليس بنبيّ، و ليس كلّ من سواه نبيّا كهو،
فالحالة التي اختصّت بها النبوّة و التبليغ من شرائطها، و لا يجوز أن يقع عليه في
التبليغ ما يقع في الصلاة، لأنّها عبادة مخصوصة و الصلاة عبادة مشتركة، و بهذا
تثبت [1] له العبودية، و بإثبات النوم له عن خدمة ربّه عزّ و جلّ من غير ارادة له
و قصد منه إليه نفي الربوبية عنه، لأنّ الذي لا تأخذه سنة و لا نوم هو اللّه تعالى
الحي القيوم، و ليس سهو النبيّ- صلّى اللّه عليه و آله- كسهونا، لأنّ سهوه من
اللّه عزّ و جلّ، و انّما أسهاه ليعلم أنّه بشر مخلوق فلا يتّخذ ربّا معبودا دونه،
و ليعلم الناس بسهوه حكم السهو متى سهوا، و سهونا من الشيطان و ليس للشيطان على
النبي- صلّى اللّه عليه و آله- و الأئمة- صلوات اللّه عليهم- سلطان «إِنَّمٰا سُلْطٰانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ
وَ الَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ» و على من تبعه من الغاوين،
و يقول الدافعون لسهو النبي- صلّى اللّه عليه و آله-: إنّه لم يكن في الصحابة من
يقال له: «ذو اليدين»، و أنّه لا أصل للرجل و لا للخبر و كذبوا، لأنّ الرجل معروف
و هو أبو محمد عمير بن عمر المعروف بذي اليدين، و قد نقل عنه الموافق و المخالف، و
قد أخرجت عنه إخبارا في كتاب في وصف قتال القاسطين بصفّين، و كان شيخنا محمد بن
الحسن بن أحمد بن الوليد- رضي اللّه عنه- يقول: أوّل درجة من الغلو نفي السهو عن
النبي- صلّى اللّه عليه و آله-، و لو جاز أن يردّ الأخبار الواردة في هذا المعنى
لجاز أن يردّ جميع الأخبار و في ردّها