اسم الکتاب : متشابه القرآن و مختلفه المؤلف : ابن شهرآشوب الجزء : 1 صفحة : 188
النساء ثم قال وَ فِي
ذٰلِكُمْ بَلٰاءٌ أي نعمة و لو كان كما
زعموا لم يكن ذلك امتنانا عليهم و لكان موجبا إسقاط اللائمة من فرعون فيما كان
يفعله و أما إضافة النجاة إليه تعالى و إن كانت واقعة بسيرهم لو دل على ما ظنوه
لوجب إذا قلنا إن النبي ع أنقذنا من الشرك و أخرجنا من الضلالة و نجانا من الكفر أن
يكون فاعلا لأفعالنا و يقال أنا نجيتك من كذا و كذا و خلصتك و لا يريد أنه فعل
فعله فلهذا صح أن ما وقع بتوفيق الله تعالى و دلالته و معونته و ألطافه قد يصح
إضافته إليه تعالى و قوله وَ إِذْ
أَنْجَيْنٰاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يخاطب بذلك من لم
يدرك فرعون فلأنجى من شره هذا كما يقال قتلناكم يوم عكاظ المعنى و إذ أنجينا
آباءكم و أسلافكم و النعمة على السلف نعمة على الخلف.
2/ 15
قوله سبحانه
اللّٰهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ الاستهزاء إما يقصد به إلى عيب المستهزئ به
و الإزراء عليه و إذا تضمنت التخطئة و التجهيل و التبكيت هذا المعنى جاز أن يجري
عليه اسم الاستهزاء و يشهد بذلك قوله- وَ قَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي
الْكِتٰابِ أَنْ إِذٰا سَمِعْتُمْ آيٰاتِ اللّٰهِ
يُكْفَرُ بِهٰا وَ يُسْتَهْزَأُ بِهٰا و الآيات لا يصح
عليها الاستهزاء و السخرية و إنما المعنى إذا سمعتم آيات الله يكفر بها و يرزأ
عليها و قد يقام الشيء مقام ما قاربه في معناه ليجري عليه اسمه قال الشاعر
سكت الدهر زمانا عنهم
ثم أبكاهم دما حين نطق
و إنه تعالى
يجازيهم على استهزائهم فسمى الجزاء على الذنب باسم الذنب كما قال وَ
جَزٰاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهٰا و قال
فَمَنِ اعْتَدىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا
اعْتَدىٰ عَلَيْكُمْ و قال وَ إِنْ
عٰاقَبْتُمْ فَعٰاقِبُوا بِمِثْلِ مٰا عُوقِبْتُمْ بِهِ و قال عمرو
بن كلثوم
ألا لا يجهلن أحد علينا
فنجهل فوق جهل الجاهلينا
و العرب
تقول الجزاء بالجزاء و الأول ليس بجزاء و لا شك أن ما وقع منه تعالى ليس باستهزاء
على الحقيقة و لكنه سماه بذلك ليزدوج اللفظ و يخف على اللسان و قيل استهزاؤهم لما
رجع ضرره عليهم جاز أن يقول عقيب ذلك- اللّٰهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ و الله
تعالى هو الذي يرد استهزاءهم عليهم و إن ضرر ما فعلوه لم يتعدهم كما يقال أراد
فلان أن يخدعني فخدعته المعنى أن ضرر خداعه عاد إليه و لم يضررني و قيل الاستهزاء
من الله هو الإملاء الذي يظنونه إغفالا و روي أن ذلك يكون في القيامة كما جاء في
التفسير قوله- كُلَّمٰا أَرٰادُوا أَنْ
اسم الکتاب : متشابه القرآن و مختلفه المؤلف : ابن شهرآشوب الجزء : 1 صفحة : 188