اسم الکتاب : متشابه القرآن و مختلفه المؤلف : ابن شهرآشوب الجزء : 1 صفحة : 177
وَ مٰا يَمْكُرُونَ إِلّٰا بِأَنْفُسِهِمْ أي وبال مكرهم يعود إليهم و لا يصح أن يمكر الإنسان بنفسه على
الحقيقة لأنه لا يصح أن يخفي عن نفسه ما يحتال به عليها كما يصح أن يخفي ذلك عن
غيره.
3/ 54
قوله سبحانه وَ
مَكَرُوا وَ مَكَرَ اللّٰهُ وَ اللّٰهُ خَيْرُ الْمٰاكِرِينَ المكر هو
إدخال الضرر على الغير حيلا كان أو سلبا من جهة الحيلة و التورية و الله يتعالى عن
ذلك و ليس المكر من الإضلال بسبيل لأنه يستعمل في الحروب و في أمور يستعمل فيها
الحيل و قد يسمى قصد الإنسان بتدبير مكرا كقوله وَ إِذْ
يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا و ليس ذلك إضلالهم إياه عن الدين بل هو كما
فسره بقوله لِيُثْبِتُوكَ و الإجماع أن قوله يمكرون إنما هو ما كانوا
يكيدون به النبي ع من القصد لإهلاكه و أخبر أنه مكر لهم أي أهلكهم من حيث لا
يعلمونه أو جازاهم على مكرهم فسمي الجزاء على المكر مكرا كما سمي الجزاء على
الاعتداء اعتداء و هذا من باب تسمية الابتداء باسم العاقبة و العاقبة باسم
الابتداء. نظم
و إني لأستحيي من الله أن أرى
يخالف قولي الفعل سرا و لا جهرا
أ بي ذلك خوف الله جل ثناؤه
و هل يأمن الإنسان من ربه المكرا
27/ 50
قوله سبحانه وَ
مَكَرُوا مَكْراً وَ مَكَرْنٰا مَكْراً وَ هُمْ لٰا يَشْعُرُونَ يعني قولهم
قبل الآية قٰالُوا تَقٰاسَمُوا بِاللّٰهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ و مكرنا
مكرا أي جازيناهم على مكرهم بأنا دَمَّرْنٰاهُمْ وَ قَوْمَهُمْ
أَجْمَعِينَ أي أهلكناهم عن آخرهم و قيل إن الله تعالى أرسل عليهم صخرة عظيمة
أهلكهم بها و قيل أي أبحنا المؤمنين المكر بالكفار بكل ما يقدرون عليه من الإضرار
بهم و إلجائهم إلى الإيمان و إنما نسبه إلى نفسه لما كان بأمره-
قال النبي ع الحرب خدعة
كما فعله ع
بالمشركين عند اجتماعهم على الإيقاع به فأمر عليا ع بالمبيت على فراشه و الهجرة
إلى حيث أمره الله فأضاف ما فعله و فعله المؤمنون إلى نفسه من حيث كان ذلك بأمره و
تعليمه كما قال وَ مٰا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ إلى قوله وَ
إِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا قال الطبري و الخطيب في تاريخهما و
القزويني و الثعلبي في تفسيريهما كان مكر الله بيات علي على فراش النبي ع قال
الشاعر
اسم الکتاب : متشابه القرآن و مختلفه المؤلف : ابن شهرآشوب الجزء : 1 صفحة : 177