اسم الکتاب : متشابه القرآن و مختلفه المؤلف : ابن شهرآشوب الجزء : 1 صفحة : 158
17/ 45
قوله سبحانه وَ
إِذٰا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنٰا بَيْنَكَ وَ بَيْنَ الَّذِينَ
لٰا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجٰاباً مَسْتُوراً مثل قوله وَ
مِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَ جَعَلْنٰا عَلىٰ قُلُوبِهِمْ
أَكِنَّةً الآية و سبب نزولهما أن الكفار كانوا إذا سمعوا القرآن من النبي ع
آذوه و رجموه و شغلوه عن صلاته كما قال لٰا تَسْمَعُوا
لِهٰذَا الْقُرْآنِ وَ الْغَوْا فِيهِ و قال وَ
مٰا كٰانَ صَلٰاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلّٰا
مُكٰاءً وَ تَصْدِيَةً فحال الله بينهم و بين استماع ذلك في تلك
الحال التي كانوا عازمين فيها على أذاه بأن ألقى عليهم النوم إذ قعدوا يرصدونه و
لا يعرفون مكانه و إنما فعل ذلك لعلمه بأنهم لا يؤمنون كما قال وَ
إِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لٰا يُؤْمِنُوا بِهٰا و قال إِنْ
هٰذٰا إِلّٰا أَسٰاطِيرُ الْأَوَّلِينَ و يمكن أنه
تعالى يضيق صدورهم فلا يفقهون و لا يسمعون لعلمه بأنهم لا يؤمنون من غير أن يكون
حائلا بينهم و بين الإيمان و الحجاب و الوقر و الأكنة على وجه الاستعارة و المجاز
كما سمي الكفر عمى و يحتمل أن يشبه الكفر الذي في قلوبهم بالكن و ينسب هذا الجعل
إلى نفسه كما يقول جعلت فلانا فاضلا و جعلته فاسقا و جعل القاضي فلانا عدلا أو
فاسقا و إن لم يكن من ذلك شيء قال الشاعر
جعلتني باخلا كلا و رب مني
إني لأسمح كفا منك في الرب
فصل [في الرجس]
2/ 10
قوله تعالى فِي
قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أي حزن و علة و لو كان الشك مرضا لكان الشاك مريضا و
المؤمن صحيحا فيجب أن يسمى كل كافر مريضا و كل مؤمن صحيحا و أما قول الشاعر
و ليلة مرضت في كل ناحية
فما يضيء لها شمس و لا قمر
فإنه بالغ
في كثرة حزنه و علته كأنه مظلم و قال أبو عبيدة الشك و النفاق و قال الطوسي فيكون
معناه أن المنافقين كانوا كلما أنزل الله آية أو سورة كفروا بها فازدادوا بذلك
كفرا إلى كفرهم و شكا إلى شكهم فجاز لذلك أن يقال-
فَزٰادَهُمُ اللّٰهُ مَرَضاً لما ازدادوا عند نزول الآيات و مثله
حكاية عن نوح- إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَ نَهٰاراً. فَلَمْ
يَزِدْهُمْ دُعٰائِي إِلّٰا فِرٰاراً أو هم الذين
ازدادوا فرارا عند دعائه و مثله فَزٰادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى
رِجْسِهِمْ
اسم الکتاب : متشابه القرآن و مختلفه المؤلف : ابن شهرآشوب الجزء : 1 صفحة : 158