اسم الکتاب : متشابه القرآن و مختلفه المؤلف : ابن شهرآشوب الجزء : 1 صفحة : 155
بين قلوبهم و الوعيد لا يقع إلا بما ذكروه و الظاهر يقتضي أن يفرق
بين المرء و قلبه حتى لا يتصل أحدهما بالآخر لأن هذا هو حقيقة الحيلولة و ليس
للإيمان فيها ذكر يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَ قَلْبِهِ بإزالة عقله و إبطاء تمييزه و إن كان حيا يقال لمن فقد عقله و سلب
تمييزه إنه بغير قلب قال الله تعالى- إِنَّ فِي
ذٰلِكَ لَذِكْرىٰ لِمَنْ كٰانَ لَهُ قَلْبٌ قال الشاعر
و لي ألف باب قد عرفت طريقها
و لكن بلا قلب إلى أين أذهب
و بمعنى
المبالغة في الإخبار عن قربه من عبيده و إن الضمائر له بادية قوله- وَ
نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ و إذا كان عز و جل
أعلم بما في قلوبنا منا و يجوز علينا السهو و النسيان و الضلال جاز له أن يقول إنه
يحول بيننا و بين قلوبنا لأن كل شيء يحول بين شيئين فهو أقرب إليهما فقد بالغ
الله تعالى في صفته القرب و لم يرد به المسافة كما تقول العرب فلان أقرب إلى قلبي
و زيد مني قريب يحول بينهما أي يحول بينه و بين ما يدعوه إليه قلبه من القبائح
بالأمر و النهي و الوعد و الوعيد لأنا نعلم أنه تعالى لو لم يكلف العاقل مع ما فيه
من الشهوة و النفار لم يكن له عن القبيح مانع فكان التكليف حائل بينه و بينه من
حيث زجر عن فعله ثم إن المؤمنين كانوا يفكرون في كثرة عددهم فيدخل في قلوبهم الخوف
فأعلمهم تعالى أنه يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَ قَلْبِهِ بأن يبدله بالخوف
أمنا و يبدل عدوهم على ضده- الجبائي يحول بين المرء و بين الانتفاع بقلبه بالموت فلا
يمكنه استدراك ما فات و يقوي ذلك مقاله في آخر الآية- وَ أَنَّهُ
إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ
و هشام بن سالم قال الصادق ع يحول بينه و بين
أن يعلم أن الباطل حق
- ابن زريك
و ليس يحول الله بين مكلف و طاعته كلا و هو شيء من الجبر.
18/ 28
قوله سبحانه
لٰا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنٰا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنٰا أي وجدناه
غافلا متبعا هواه يدل على ذلك قوله- وَ اتَّبَعَ هَوٰاهُ وَ
كٰانَ أَمْرُهُ فُرُطاً و يقال لا تطع من سميناه غافلا أو نسبناه
إلى الغفلة كقولك كفرناه أي نسبناه إلى الكفر و يقال أي من تركنا قلبه غفلا و لم
نسمه بسمة المؤمنين من الكناية و يكون ترك السمة أصلا علامة أيضا على الكفر.