و من انّ العفو انّما يصحّ عمّا يثبت للعافي فقبل السراية يكون عفوا
عمّا لم يجب، فلا يكون مسقطا لما يتجدّد من الحقّ، كما لو أبرأه عمّا يستدينه منه.
و قول
المصنّف رحمه اللّه: «و قيل» إشارة إلى قول الشيخ في الخلاف فإنّه قال فيه:
مسألة: إذا قطع
إصبع غيره صحّ للمجنى عليه أن يعفو عنها و عمّا يحدث عنها من الدية، فإذا فعل ثمّ
سرى الى النفس كان عفوه ماضيا من الثلث، لأنّه بمنزلة الوصية[1].
و للشيخ في
المبسوط قول آخر و هو: انّه إن كان بلفظ الوصية صحّ من الثلث[2].
و لابن
الجنيد قول ثالث فإنّه قال: و عفو المقتول خطأ عن جنايته كوصيته يصحّ فيها ما يصحّ
من وصاياه، امّا عفوه عن القاتل عمدا فباطل لا يصحّ لوجهين، أحدهما: انّه عفا عمّا
لا يملك، و الثاني: انّه وصية للقاتل عمدا، و هي لا تصحّ عندنا[3].
و المصنّف
رحمه اللّه قال: العفو كالوصية في انّه يخرج من الثلث، و انّه يصحّ فيما وجب لا
فيما تتجدّد، و الوصية تجوز للقاتل عمدا على التفصيل الذي سبق في كتاب الوصية، و
الذي فصّله في الوصية هو: انّه إن أوصى له قبل القتل أو ما يوجبه لم يندرج فيه
القاتل، كما إذا قال: أعطوا أولادي و اخوتي كذا ثمّ يقتله أحدهم فإنّه يمنع كما
يمنع من الميراث، لوجود المقتضي للمنع هناك- و هو مقابلته بنقيض مقصوده من
الاستعجال في أخذ المال- و لقضاء العرف بالمنع. امّا لو نصّ عليه بعد فعل ما يوجب
القتل فالأولى الصحّة.
[1]
الخلاف: كتاب الجنايات المسألة 86 ج 3 ص 114 طبعة إسماعيليان.
[2]
المبسوط: كتاب الجراح فصل في عفو المجني عليه بموت ج 7 ص 110- 111.
[3] نقله
عنه في مختلف الشيعة: كتاب القصاص و الديات فصل السابع في اللواحق ص 820 س 26.