و ذكرنا نحن في فصل اليمين مع الشاهد، و الشيخ في المبسوط حكى فيها
قولين، أحدهما: حبس المدّعى عليه حتى يحلف أو يقرّ[1].
و هو أحد
الاحتمالات التي ذكرها المصنّف، لأنّ الحاكم لا يمكن أن يحلف، لأنّه غير عالم
بثبوته في ذمّة المدّعى عليه، و لا يجوز اليمين إلّا مع العلم، و إذا تعذّر ردّ
اليمين على المقرّ ليس له الامتناع منها، فإذا امتنع حبس حتى يحلف أو يعترف
بالدعوى.
الثاني:
يقضي عليه بنكوله، و هو الاحتمال الثاني من الاحتمالات الثلاثة المذكورة هناك. و
وجه هذا الاحتمال أن نقول: امّا عند من يقضي بالنكول من غير ردّ اليمين على
المدّعى فظاهر، و أمّا عند من يقول: بردّ اليمين على المدّعي فها هنا يتعذّر
الردّ، لما قلناه من عدم علم الحاكم بذلك.
الاحتمال
الثالث: تركه، و هذا الاحتمال لم يتعرّض له الشيخ. و وجه هذا الاحتمال انّ الحبس
انّما يكون على حقّ بعد ثبوته و امتناع من هو عليه من أدائه، و الحقّ لا يثبت
بمجرّد الدعوى، و أمّا القضاء بالنكول فلمّا بيّنا انّه لا يقضى به من غير ردّ اليمين،
و الردّ هنا متعذّر.
قوله رحمه
اللّه: «و لو ادّعى الفقير أو الساعي إقرار المالك بثبوت الزكاة في
ذمّته لم يحلف مع نكوله، بل تثبت الاحتمالات الثلاث».
أقول: هذه
المسألة من جنس إحدى المسائل الخمس التي حكيناها عن
[1]
المبسوط: كتاب الشهادات فصل في النكول عن اليمين ج 8 ص 214.