و من عموم
وجوب الحكم بين المتنازعين، كقوله تعالى فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ
بِمٰا أَنْزَلَ اللّٰهُ[1] و غير ذلك، فإنّه
أعمّ من وجوبه في التنازع بصورة الجزم و عدمه، و من بعده عن شبه الدعوى.
و الاحتمال
الأخير قول الشيخ نجم الدين صاحب الشرائع فإنّه قال فيه: و لا بدّ من إيراد الدعوى
بصيغة الجزم، فلو قال: أظنّ أو أتوهّم لم تسمع، و قال: و كان بعض من عاصرناه يسمعها
مع التهمة و يحلف المنكر، و هو بعيد عن شبه الدعوى[2].
[الفصل الثاني في ما يترتب
على الدعوى]
قوله رحمه
اللّه: «و إذا تمّت الدعوى فالأقرب انّ الحاكم لا يبتدئ بطلب الجواب من
الخصم إلّا بعد سؤال المدّعي ذلك، لأنّه حقّ له فيتوقّف على المطالبة».
أقول: هذا القول
مذهب الشيخ في المبسوط أوّلا، ثمّ رجّح خلافه فإنّه قال فيه: كلّ موضع تحرّرت
الدعوى فهل للحاكم مطالبة المدّعي عليه بالجواب من غير مسألة المدّعي؟ قال قوم: لا
يطالبه بالجواب، لأنّ الجواب حقّ للمدّعي، فليس للحاكم المطالبة به من غير مسألة
كنفس الحقّ، و هو الصحيح عندنا، و قال قوم: له المطالبة به من غير مسألة المدّعي،
لأنّ شاهد الحال يدلّ عليه، لأنّ الإنسان لا يحضر خصمه الى الحاكم ليدّعي عليه و
ينصرف من غير جواب. قال: و هو الأقوى أيضا[3].