اسم الکتاب : غاية المراد في شرح نكت الإرشاد المؤلف : الشهيد الأول الجزء : 4 صفحة : 416
..........
الطبرسي و المحقّق[1] و المصنّف في المختلف احتياطا، لما عرض من تصادم
البيّنتين، و عدم أولويّة قبول إحداهما بعينها، و امتناع قبولهما معا، و إلّا لوجب
قتلهما معا، و هو باطل إجماعا[2]. فيعمل بهذا
الاحتياط في الدم، لأنّ تكاذبهما شبهة، و القتل حدّ أو أعظم من الحدّ، فيدخل إمّا
بالمنطوق و إمّا من باب التنبيه، و لا يعمل به في المال، لأنّه أسهل، و لأن «لا
يطلّ دم امرئ مسلم»[3] إذ لا سبيل إلى أخذه من بيت المال مع وجود
من قامت البيّنة بأنّه قاتل.
فحينئذ تجب
الدية عليهما في العمد و شبهه- كذا ذكره الشيخ[4]- و في
الخطإ على عاقلتهما، لأنّه إذا ثبت وجوب الدية امتنع إيجابها على أحدهما بعينه و
إلا ترجّح بلا مرجّح، و لا فائدة في إيجابها على أحدهما لا بعينه، لأنّه إن أخذ من
أحدهما شيء بعينه ترجّح بلا مرجّح و إن أخذ منهما فالمطلوب، فتعيّن إلزامهما بها.
و قال في
السرائر:
يتخيّر
الوليّ في تصديق أيّ البيّنتين شاء فيقتله، لقوله تعالى فَقَدْ
جَعَلْنٰا لِوَلِيِّهِ سُلْطٰاناً[5]، و لأنّ
البيّنة ناهضة على كلّ منهما بوجوب القود، فلا سبب لسقوطه، و لأنّا قد أجمعنا على
أنّه لو شهد اثنان على واحد بأنّه القاتل فأقرّ آخر بالقتل يتخيّر
[3] إشارة
إلى رواية أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السّلام رواها الصدوق رحمه الله في
«الفقيه» ج 4، ص 73، ح 223، باب القسامة، ح 5، و الشيخ الطوسي رحمه الله في «تهذيب
الأحكام» ج 10، ص 167، ح 663، باب البيّنات على القتل، ح 3.