اسم الکتاب : مجموعه رسائل فلسفى صدر المتالهين المؤلف : ملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 96
و ذلك لا يجوز الّا بسبب المادة و انفعالاتها الخارجية، و العقل
الفعال مجرد عنها، فاجزاؤه أولى بالتجرد، فهى غير متمايزة بالعوارض، فهى غير
متكثّرة. فالعقل الفعّال بسيط، و قد فرض مركبا، هذا خلف. فالقول باتحاد النفس به
محال.
هذا ما ذكره المتأخرون و إليه اشار الشيخ في الاشارات[1]بعد حكاية[2]هذا المذهب بقوله: «وهؤلاء بين ان يجعلوا العقل الفعّال متجزّئا قد
يتصل منه شيء دون شيء او يجعلوا اتصالا واحدا به يجعل النفس كاملة واصلة الى كل
معقول».
اقول: ان هذا المذهب كالذى قبله لمّا كان منسوبا الى العلماء
الفاضلين المتقدمين في الحكمة و العلم[3]لا
بد و ان يكون له وجه صحيح غامض يحتاج تحقيقه الى بحث شديد و فحص بالغ مع تصفية
الذهن و تهذيب[4]الباطن، و
تضرّع الى اللّه، و سؤال التوفيق و العون، و قد كنّا ابتهلنا إليه بعقولنا و رفعنا
إليه ايدينا الباطنة لا ايدينا الداثرة فقط، و بسطنا انفسنا بين يديه، و تضرّعنا إليه
لكشف هذه المسألة و امثالها طلب ملجأ ملتجئ غير متكاسل حتى أنار عقولنا بنوره
الساطع و كشف عنّا بعض الحجب و الموانع، فرأينا العالم العالم[5]العقلى موجودا واحدا يتصل به جميع
الموجودات التى في هذا العالم على اختلافها، و منه بدؤها و إليه معادها، و هو اصل
المعقولات و كل الماهيات، من غير ان يتكثّر و يتجزّى، و لا ان ينقص بنقصان[6]شيء منه، و لا ان يزداد برجوع شيء إليه
و اتصاله به، و ليس هاهنا موضوع[7]اثبات
هذه الجواهر و شرح احواله و احكامه. و الّذي يليق ان يذكر هاهنا ما يسكن به صولة
انكار المنكرين لاتصال النفس بذلك العالم في ادراك كل معقول و يكسر به سورة[8]استبعادهم ايّاه عن سنن الصواب[9]هى امور ثلاثة: