و ثالثها: طريق الامكان الاشرف، و القاعدة الموروثة من الفيلسوف
الاقدم استاد الفلاسفة.
[183]: البرهان العرشى
على اتحاد العاقل و المعقول. قد[2]علمت
ان الصورة المعقولة هى كل صورة فارقت المادة و علائقها، فان كل صورة اقترنت[3]المادة اتصفت بعوارضها فهى محسوسة لا
معقولة، و كما ان المحسوسات ينقسم الى ما هى محسوسة بالقوة و الى ما هى محسوسة بالفعل.
و المحسوس بالفعل متحد مع الحاس، اذ الاحساس ليس كما هو المشهور من ان الحس يجرد
صورة المحسوس من مادته و يأخذها مع عوارضها، لما تعلم من استحالة انتقال المنطبعات
من مادتها، و لا بان تنتقل الحاسة الى ان تدرك وجود المحسوس في مادته، بل بان يفيض
من الواهب صورة نورية لها يتحصل الادراك، فهى الحاسة بالفعل و المحسوسة بالفعل،
المعراة عن الصور. و اما قبل حصولها فلم تكن القوة القابلة حاسة بالفعل و لا
محسوسة بالفعل.
و هذا مع ظهوره قد غفل عنه جمهور الحكماء و زعموا ان الجوهر الحاس
بذاته المعرّاة عن الصورة يدرك الصور الحاضرة او الحاصلة. و ليت شعرى اذا لم تكن
فى ذاته له صورة المحسوس فبأى شيء تنالها[4]بذاته[5]العارية
شيئا لم يحصل بعد لذاته، او ينال الصورة بالصورة، فيكون الصورة حاسة و محسوسة، و
المفروض خلافه؛ هذا خلف.
لا يقال [الف- 33] انه اذا حصلت الصورة للجوهر الحاس لم يكن[6]عاريا عنها؛ لانى اقول: لو كان حصوله
كحصول الصورة للمادة و المادة[7]بها
يصير شيئا بالفعل، فكما ليست المادة شيئا من الاشياء المعينة الّا بالصورة، فهكذا
ينبغى ان
[1] - فى الاصل: أوهى. و هو بمعناه، و ما في المتن اصح على
الاقتباس من الآية الشريفة.