responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المبدأ و المعاد المؤلف : الملا صدرا    الجزء : 1  صفحة : 402

فإنه كما يجوع في هذه النشأة بلوازم بدنه و مزاجه من جهة حركات نفسانية و تخيلات حتى أنه لو غفلت نفس أحد عن الأكل و الشرب لأجل استغراقه في تخيل أمر عظيم ملذ قوي أو مولم شديد أو اشتغاله بمرض صعب يمضي عليه أيام لا يأكل و لا يشرب و لا يريدهما، كذلك في النشأة الآخرة يجوع بلوازم أمور بدنه و مشتهيات نفسه فيأكل ما يريده و يشتهيه الأنفس، و يجوز أن يتأخر التنعيم و الإلذاذ عن الألم و المشقة، فإذا حصل لزاهد ألم الجوع في هذه النشأة لزهده في صومه و مشقة ترك مشتهياته من الشهوات اللذيذة التي يشتاق إليه بحسب طبعه و يهواها و كان يكف عنها و نهى النفس عن الهوى خوفا من الله، فلا ضير أن يطعمه الله في نشأة أخرى بعد مدة أطعمة و ملاذا يدفع بها الألم الحاصل له بزيادة و يترتب على تشوقه و تخيله غاية ما يتصوره و يهم به و يطلبه.

على أنا لا نسلم أن اللذة الحسية لا يكون إلا لدفع الألم، بل يكون لنيل ما ينال الذوق من صورة الأمر اللذيذة.

و لا نسلم أن كل مشتهى و مذوق لا يفيد إلا دفع الألم، بل اللذة الحسية في نفسها غاية و كمال للقوى الحسية كما عرفت. و في الجنة ملاذ جميع المدارك إذ فيها ما تشتهي الأنفس و تلذ الأعين، فلكل أحد ما يشتهيه و يشتاقه و لهم فيها ما يدعون.

فينبغي للإنسان أن يحصل هاهنا الإدراك و التشوق لنيل المثوبات و الوصول إلى الخيرات، لأنه يصل كل إنسان في الآخرة إلى غاية همته و مشتهاه و نهاية رجاه و مناه بشرط أن ينهى نفسه عن هواه و يزهد في الدنيا طلبا لمثواه.

نقل و ردع‌

إن من الفلاسفة من تأول الآيات الصريحة في الحشر الجسماني فيصرفها عن الجسمانيات و يحملها على الروحانيات، قائلا: إن الخطاب للعامة و أجلاف الأعراب و العبرانيون لا يعرفون الروحانيات و اللسان العربي مشحون بالمجازات و الاستعارات.

أقول: و العجب منه كيف غفل عن وجود عالم آخر جسماني فيه أجسام و أعراض و أشخاص جسمانية أخروية و ناس أخرويون، ثم كيف يحمل الآيات و النصوص القرآنية في أحوال المعاد على الأمور الروحانية و فيها مبالغات و تأكيدات لا مجال لعدم حملها على الجسمانيات.

و أيضا من لم يقدر على فهم حكاية و صفات و لذات مع ما له من القوى و المشاعر،

اسم الکتاب : المبدأ و المعاد المؤلف : الملا صدرا    الجزء : 1  صفحة : 402
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست