اسم الکتاب : المبدأ و المعاد المؤلف : الملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 401
بل الإشكال هنا لزوم مفسدة التناسخ المذكورة في بيان استحالته كما
ذكره الشيخ الرئيس و غيره من الحكماء أتباع المعلم الأول القائلين ببطلان التناسخ،
و هي كون بدن واحد ذا نفسين و كون بدن واحد ذا ذاتين، و تلك المفسدة بعينها واردة
كلما تعلقت نفس ببدن آخر غير بدنه الأول، سواء كان المجموع الثاني عين الأول أو
غيره و سواء سمي هذا في الشرع أو العرف تناسخا أو لا.
و منها، أن الإعادة لا لغرض عبث لا يليق بالحكيم، و الغرض إن كان
عائدا إليه، كان لزوم نفس التناسخ حتى يجاب بأن الشرع جوز هذا النوع من التناسخ و
منع غيره، نقصا له، فيجب تنزيهه، و إن كان عائدا إلى العبد، لزم خلاف الحكمة و
العدالة، فإن ذلك الغرض إن كان إيصال ألم فهو غير لائق بالحكيم العادل، و إن كان
إيصال لذة فاللذات سيما الحسيات دفع الآلام. فإن الطعام و إن كان حسنا لذيذا لا
يلتذ به من كان ممتليا شبعا و إنما يستلذ الجائع، و كذلك سائر اللذات الحسية، فإن
العلماء و الأطباء بينوا و قرروا، أنها دفع الآلام، و ألفوا في هذا كتبا و رسائل،
فلزم أن يولمه أولا حتى يوصل إليه لذة حسية، و ذلك أيضا لا يليق بالحكيم. و هل
يليق بالحكيم العادل أن يولم أولا أحدا ليدفع عنه هذا الألم و من ذا الذي يرى إحسانا
بأحد، فيقطع بعض أعضائه ثم يضع عليه المراهم ليلتذ.
الأشاعرة أجابوا عن هذا بمنع لزوم الغرض و قبح الخلو عنه، ثم منع
انحصار الغرض في إيصال اللذة و الألم، ثم منع كون اللذة دفعا للألم، ثم منع كون
اللذات الأخروية كالدنيوية حتى يستلزم كونها أيضا دفعا للألم.
أقول: يمكن إثبات هذه المقدمات المنوعة و دفع هذا الممنوع بوجه لائق
هو أليق، و هو أن الغرض في المعاد نيل الجزاء و ظهور صدق الأنبياء.
و قد عرفت الفرق بين الغرض و الضروري و إيصال اللذة و الألم كليهما
جزاء و غرض، و لا يلزم أن يكون إيصال اللذة بالإيلام أولا، بل اللذات و الآلام مما
كسبته و اكتسبته أيدي النفوس إرادة و عادة.
و توضيحه أنا نختار أن الغرض و الغاية إيلام العصاة و الأشقياء جزاء
أعمالهم القبيحة، و تنعيم السعداء و إلذاذهم جزاء أعمالهم الحسنة، و لما كان
المعاد في المعاد هو هذا البدن الذي كان في هذه النشأة، كانت لوازمه في النشأة
الآخرة كلوازمه في النشأة الأولى،
اسم الکتاب : المبدأ و المعاد المؤلف : الملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 401