اسم الکتاب : المبدأ و المعاد المؤلف : الملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 399
ثانيا و حصل فيه الروح الحيواني مرة أخرى، عاد تعلق الروح كالمرة
الأولى، و كان التعلق بالأجزاء مانعا مزاجها لحدوث نفس أخرى، فالمعاد هو عود الروح
إلى البدن لنيل الجزاء انتهى كلامه
بحث و تنبيه
إن هذا الكلام قد لا يفي بتحقيق المرام إنما يليق بمجادلة أهل
الخصام، فإن تعلق النفوس و الصور بالأبدان و الأجسام، تعلق طبيعي لا تعلق إرادي
صادر عن الفاعل بالقصد و الروية، إذ ربما تعلقت إرادة الإنسان لأجل مصلحة ترغبه و
داعية تدعوه إلى توجه و التفات نحو شيء مثل توجهه إلى خرابة عاش فيها مدة و أياما
كانت معمورة فالتفت إليها مرة أو مرتين و تذكر به التذاذات و التنعمات التي وقعت
منه فيها، سواء كان هذا التوجه و الالتفات منه على سبيل العبث و الجزاف من غير
طائل فكري و غاية عقلية، أو يكون لها فائدة في ذلك و مصلحة رآها و داعية راعاها،
مثل طلب العمارة و السكنى فيها، أو غير ذلك من المصالح و المآرب الدنياوية.
و أما التعلقات الطبيعية من النفوس و الصور و الطبائع فلا بد لها من
تخصص و استعداد و تهيؤ مزاج و علاقة طبيعية و ارتباط علي و معلولي.
و من ذاق المشرب الحكمي، تعلم و تيقن، أن الجسم الذي تعلق به النفس و
خصوصا الناطقة التي هي آخر مراتب الشرف و الكمال للأجسام الطبيعية في سلسلة العود
و الرجوع إلى العقل الفعال، يجب أن يكون مختصا بمزيد استعداد و تهيؤ مزاج و إعداد
و حرارة غريزية و روح بخاري شبيها لجرم السماوي.
و معنى قولهم: للنفس تعلق ثانوي بالأعضاء، أن تعلقها بالأعضاء
الكثيفة بالعرض لا بالذات لأجل كونها كالقشر و الغلاف الحاوي للجرم الشبيه بالسماوي
المعتدل القوام اللائق لأجل حرارته و لطافته و شفيفه- أن يستوكره الحمام القدسي و
الطائر الإلهي و المزاج المعتدل الحقيقي لو جاز، أو القريب به لو امتنع، هو مزاج
الروح البخاري كما مر ذكره، لا مزاج الأعضاء حين كونها أعضاء فضلا من صيرورتها
ترابا و رمادا، فأي تعلق طبيعي بقي للنفس بالتراب و الرماد، و لو كان كذلك، لكان
كل تراب و رماد مما يتعلق
اسم الکتاب : المبدأ و المعاد المؤلف : الملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 399