ثمّ اعلم أنّ الطّبيب إذا أثنى على الدّواء[4]، لم يدلّ على أنّ الدّواء مراد لذاته مقصود
لعينه[5]و على أنّه أفضل
من الصّحّة و الشّفاء؛ و إنّما استكفى الطّبيب بمدح الدّواء عن مدح الشّفاء،
لاعتقاده أنّ تناول الدّواء يؤدّي إلى حصول الشّفاء.
و لا يأمر للمريض بعد تناول الدّواء على وجهه بعمل[6]آخر، لعدم توقّف حصول
الشّفاء- بعد حصول المعدّات و تهيئة القابل الحاصلة بتوفيق اللّه- بشيء آخر إلّا
إفاضة المبدأ المفيض الحقّ على كلّ شيء ما يستحقّه.
فكذلك[7]الأعمال الشّرعيّة علاج لأمراض[8]القلوب[9]؛ و مرض القلب ممّا لا[10]يشعر به غالبا و قد غفل عنه الأكثرون، و قلّ من
يتفطّن بوجوه[11]الرّبط و
المناسبة بين الأعمال الّتي أمرنا بها[12]الشّارع و بين التّخلّق بالأحوال الفاضلة و
التّنزّه عن الأمراض القلبيّة. و قد اغترّ بمثل هذا الغرور طائفة، و سلكوا طريق
الإباحة، و قالوا: إنّ اللّه غنيّ عن عبادتنا، و أيّ فائدة لنا[13]و له[14]في قيامنا و صيامنا و
حجّنا و زكاتنا[15]؟ و غنيّ عن أن يستقرض منّا[16]، فأيّ معنى لقوله (تعالى)[17]: