ربّما يزعجك[2]عن الاعتراف بفضيلة الأحوال على الأعمال، و
كونها أدون[3]منزلة من
الأحوال و بتوسّطها من العلوم الحقيقية، ما قرع سمعك في الشّريعة الحقّة من الحثّ
و التّرغيب على الأعمال[4]، و التّأكيد المستفاد من الكتاب الإلهيّ في إيتاء
الزّكاة و المبالغة في طلب الصّدقات بقوله:مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ
قَرْضاً حَسَناً[5]و بقوله:وَ يَأْخُذُ الصَّدَقاتِ[6]؛ فتقول[7]: كيف لا يكون الفعل و الإنفاق هو الأفضل من
الملكات و الأخلاق؟
فاعلم أوّلا[8]أنّ الأوامر و النّواهي الشّرعيّتين و
التّرغيبات و التّرهيبات[9]الواقعة من الشّارع إنّما تعلّقت بأمور
اختياريّة، يكون للإنسان اقتدار على فعلها و تركها[10]و اختيار في وجودها و عدمها. و أمّا الملكات
النّفسانيّة و الأحوال القلبيّة، فهي أمور طبيعيّة فائضة عن المبدأ الأعلى بلا
مدخليّة اختيار العبد[11]و اقتداره فيها و توقّفها[12]عليهما، إلّا توقّفا بعيدا و[13]مدخلية بالواسطة؛ فلا
حاجة في حصولها للقلب و زوال أضدادها إلى ترغيب و ترهيب[14]، لأنّ[15]الفعل المرغوب يؤدّي[16]إلى الخلق الحسن، و الفعل المرهوب يؤدّي إلى
ضدّه[17]، سواء تعلّق به