اسم الکتاب : شرح الهداية الأثيرية المؤلف : الملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 46
الزجاج فلا يمتنع مثل ذلك في الهواء الذي هو ألطف من الدهن.
و أما قولهم: اشتراك الأجسام في الجسمية و افتراقها في المقادير يوجب
مغايرة المقدار للجسم، فجوابه على ما في «حكمةالإشراق» بأن اشتراكها في الجسمية هو اشتراكها
في نفس المقدارية المشتركة بين المقدار الصغير و الكبير و اختلافها في المقادير هو
اختلافها في خصوصيات الكبر و الصغر. و كما أن التفاوت بين المقدار الكبير و الصغير
ليس بشيء زائد على المقدار بل بنفس المقدار فكذلك إذا بدل لفظ المقدار بالجسم و
التفاوت بالصغر و الكبر بالتفاوت في المقادير يكون الاختلاف بنفس الجسمية لا غير،
و يرجع هذا الاختلاف إلى الاختلاف بالكمال و النقصان و الشدة و الضعف في نفس ماهية
الشيء على ما هو رأي شيخ الإلهيين و القدماء من الرواقيين فإنهم يجوّزون كون جوهر
أقوى جوهرا من جوهر آخر كجواهر العالم الأعلى العقلي و جواهر عالمنا الأدنى الجرمي
و كذا يحكمون بأن حيوانا يكون حواسه أكثر و نفسه على التحريك أقوى كالإنسان أشد و
أتم في باب الحيوانية من حيوان يكون بخلاف ذلك كالبعوضة مثلا و لا يفرّقون بين
الشدة و الضعف في الكيف و الزيادة و النقصان في الكم في كونهما تفاوتا بالكمال و
النقص في نفس الماهية سواء كانا في الكيف أو في الكم أو غير ذلك كالجوهرية و
الجسمية و الحيوانية على ما ذكرنا. و لا يبالون بعدم إطلاق أدوات التفضيل و
المبالغة في بعض الصور على عرف أهل اللسان، إذ ليس من دأب الحكماء الاقتصار في
تصحيح المعاني على مجاري العرف و اقتناص الحقائق من الألفاظ.
ثم لا يخفى أن بين كلامي الشيخ الإلهي في «حكمةالإشراق» حيث حكم ببساطة الجسم و جوهرية
المقدار، و في «التلويحات» حيث اختار أنه مركب من جوهر سمّاه هيولى و عرض
هو المقدار بناء على تجويزه تركب نوع طبيعي من جوهر و عرض، مخالفة بحسب الظاهر.
لكن الشارحين لكلامه أجمعوا على عدم المنافاة بين ما في الكتابين في
المقصود، بل الفرق يرجع إلى تفاوت اصطلاحيه فيهما. و يتحقق ذلك بأنّ في الشمعة حين
تبدل أشكاله مقدارين ثابت هو جوهر لا يزيد و لا ينقص بتوارد الأشكال عليه، و متغير
هو ذهاب المقادير في الجوانب، و هو عرض في المقدار الذي هو جوهر و مجموعهما هو
الجسم و الجوهر منهما هو الهيولى على مصطلح «التلويحات». و ذلك
اسم الکتاب : شرح الهداية الأثيرية المؤلف : الملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 46