responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح الهداية الأثيرية المؤلف : الملا صدرا    الجزء : 1  صفحة : 441

الصور المخترعة متخيلة و ليست محسوسة و لا منطبعة في القوة الباصرة. فلذلك لو اخترع صورة جميلة في غاية الجمال و توهّم حضورها و مشاهدتها لم يعظم سروره، لأنه ليس بصيرا مبصرا كما في المنام. فلو كانت للخيال قوة على تصورها في القوة الباصرة كما له قوة تصويرها في المخيلة لعظمت لذته و نزل منزلة الصورة الموجودة من خارج. و لم يفارق الدنيا الآخرة في هذا المعنى إلا من حيث كمال القدرة على تصويرها الصورة فيها للقوة الباصرة، و لا يخطر بباله شي‌ء يميل إليه إلا و يوجد له في الخيال بحيث يراه و إليه الإشارة بقوله صلّى اللّه عليه و سلّم: «إن في الجنّة سوقا يباع فيه الصور»، و السوق عبارة عن اللطف الإلهي الذي هو منبع القدرة على اختراع الصور بحسب الشهوة و هذه القدرة أوسع و أكمل من القدرة على الإيجاد من خارج الحس. فحمل أمور الآخرة على ما هو أتم و أوفق للشهوات أولى، و لا ينقص رتبتها في الوجود اختصاص وجودها في الحس و انتفاء وجودها من خارج. فإن وجودها مراد لأجل حظه و حظه من وجوده في حسه، فإذا وجد فيه فقد توفر حظه و الباقي فضل لا حاجة إليه، و إنما يراد لأنه طريق المقصود. و قد تعين كونه طريقا في هذا العالم الضيق القاصر. أما في ذلك العالم فيتسع الطريق و لا يضيق.

و أما الوجود الثالث العقلي: فهو أما أن يكون هذه المحسوسات أمثلة اللذات العقلية التي ليست بمحسوسه. فإن العقليات تنقسم إلى أنواع كثيرة مختلفة كالحسيات، فتكون هي أمثلة لها كل واحد مثالا للذة أخرى مما رتبه في العقليات يوازي رتبة المثال في الحسيات. فإنه لو رأى أحد في المنام الخضرة و الماء الجاري و الوجه الحسن، و الأنهار و الأمطار الممطرة باللبن و العسل و الخمر، و الأشجار المزيّنة بالجواهر و اليواقيت و اللآلي، و القصور المبنية من الذهب و الفضة، و الأسورة المرصّعة بالجواهر، و الغلمان المتماثلين بين يديه للخدمة. لكان المعبّر يعبّر ذلك بالسرور و لا يحمله على نوع واحد بل كل واحد يحمله على نوع آخر من السرور و يرجع بعضه إلى سرور العلم و كشف المعلومات و بعضه إلى سرور المملكة و نفاذ الأمر و بعضه إلى مشاهدة الأصدقاء و إن اشتمل الجميع اسم اللذة و السرور فهي مختلفة المراتب، مختلفة الذوق، لكل واحد مذاق يفارق الآخر فكذلك اللذات العقلية ينبغي أن يفهم كذلك و إن كانت مما لا عين رأت و لا أذن سمعت و لا خطر على قلب بشر و جميع هذه الأقسام ممكنة، فيجوز أن يجمع بين الكل و يجوز أن يصيب كل‌

اسم الکتاب : شرح الهداية الأثيرية المؤلف : الملا صدرا    الجزء : 1  صفحة : 441
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست