اسم الکتاب : شرح الهداية الأثيرية المؤلف : الملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 417
خسيسا و هذا شريفا، إنما ذلك أليق بالخطابة، و ليس كذلك لأن الحكماء
لم يعللوا امتناع هذا القسم بمجرد الشرف و الخسة فقط، بل عللوا به عدم ذهاب الوهم
إليه.
كيف، و هم قد أثبتوا أن مجدد الأمكنة و الجهات يجب أن يكون محيطا
بالجميع و أن الجسم لا يخلو عن مكان و وضع وجهة فلا يمكن أن يكون المحاط علة
للمحيط سواء كان فوقه أو فوق الجميع و إلا لزم أما الخلاء و أما عدم كون الجسم ذا
وضع وجهة. و كلاهما محال،و لا جائز أن يكون الحاوي علة لوجود المحوى، لأنه لو كان كذلك لكان
وجوب وجود المحوى متأخرا عن وجود الحاوي، لأن وجوب المعلول و وجوده متأخران عن
وجود العلة. فإن اعتبر المعلول مع
وجود العلة كان حاله حينئذ الإمكان لا الوجوب لأنه حينئذ لم يجب بعد و كل ما لم
يجب و كان من شأنه أن يجب فهو ممكن.
فعدم
المحوى مع وجود الحاوي-
أي
في مرتبه وجوده- لا يكون ممتنعا
لذاتهو لا لغيره، بل يكون
ممكناو إلا لكان وجوده- أي الحويمعهأي مع وجود
الحاوي-لا متأخرا عنه. هذا
خلف،لأنّا قد
فرضناه متأخرا عنه،و
إذا كان عدم المحوى مع وجود الحاوي ممكنا كان الخلاء ممكنا لذاتهمع إنه ممتنع لذاته لما مر في مباحث الطبيعي.
هذا خلف،و ذلك لأن عدم
المحوى و تحقق الخلاء داخل الحاوي ملازمان، اعتبار أحدهما يوجب اعتبار الآخر عقلا
بحيث لا يمكن انفكاكه عنه كما لا يمكن الانفكاك بين وجود المحوى و عدم الخلاء داخل
الحاوي، و الشيئان اللذان تحققت بينهما المعية الذاتية و العلاقة الطبيعية من
الجانبين لا مجرد المصاحبة الاتفاقية فإنهما لا يتخالفان في الوجوب و الإمكان، لأن
تخالفهما في ذلك يوجب إمكان انفكاك أحدهما عن الآخر. فإمكان الخلاء داخل الحاوي
تابع لإمكان وجود المحوي يلزم فيلزم كون الخلاء ممكن الوجود و هذا محال.
و لقائل أن يقول: كون عدم الخلاء واجبا لذاته ينافي كون ما معه معية
ذاتية و هو وجود المحوى واجبا بغيره. و جوابه على ما حققه العلّامة الطوسي في شرح
الإشارات يقتضي تحقيق إنه ليس معنى الممتنع لذاته ذاتا يقتضي العدم بل معناه شيء
يتصوره العقل عنوانا لأمر باطل الذات و يجزم بعدمه بحسب تصوره مع قطع النظر عن
غيره و إن كان الحكم بعدمه لأجل وسط في الحكم لا في نفس ثبوت الحكم به له بخلاف
الممتنع بالغير، فإن مجرد مهيته المعقولة ليست محكوما عليها بالعدم بوسط أو بغير
اسم الکتاب : شرح الهداية الأثيرية المؤلف : الملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 417