اسم الکتاب : شرح الهداية الأثيرية المؤلف : الملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 221
و يميل إلى العين بل بأن يحدث مثل صورته في عين الناظر و يكون
استعداد حصوله بالمقابلة المخصوصة مع توسط الهواء المشف، و حين اعترض عليهم بأن
المرئي حينئذ يكون شبح الشيء لا نفسه، و لا نحن قاطعون بالثاني و بأن شبح الشيء
مساو له في المقدار و إلا لم يكن صورة له و مثالا.
أجابوا عن الأول:بأنه
إذا كانت رؤية الشيء بانطباع شبحه كان المرئي هو الذي انطبع شبحه لا نفس الشبح، و
فيه ما فيه.
و عن الثاني:بأن شبح الشيء
لا يلزم أن يساويه في المقدار كما يشاهد من صورة الوجه في المرآة الصغيرة إذ
المراد ما يناسب الشيء في الشكل و اللون دون المقدار و لا يخفى ما فيه من وجوه
المناقشات.
و الرياضيون ذهبوا إلى أنه بخروج الشعاع من العين على هيئة مخروط
رأسه عند العين و قاعدته عند المرئي، ثم اختلفوا في أن ذلك المخروط مصمت أو مؤتلف
من خطوط مجتمعة في الجانب الذي يلي الرأس متفرقة في الجانب الذي يلي القاعدة.
و قال بعض منهم: بأن الخارج من العين خط واحد مستقيم لكن يثبت طرفه
الذي يلي العين و يضطرب طرفه الآخر على المرئي فيتخيل منه هيئة مخروط. و
الإشراقيون قالوا: لا شعاع و لا انطباع، و إنما الإبصار لمقابلة المستنير للعضو
الباصرة الذي فيه رطوبة صقلية فإذا وجدت هذه الشروط مع زوال المانع يقع للنفس علم
حضوري إشراقي على المبصر فتدركه النفس مشاهدة ظاهرة جلية. لكن المشهور من آراء
الفلاسفة الانطباع و الشعاع، تمسك الأولون بوجوه:
أحدها:و هو العمدة:
أن العين جسم ثقيل نوراني و كل جسم كذلك إذا قابله كثيف ملون انطبع فيه شبحه
كالمرآة. أما الكبرى فظاهرة و أما الصغرى فلما نشاهد من النور في الظلمة إذا حك
المنتبه من النوم عينه و لأن الإنسان إذا نظر نحو أنفه قد يرى عليه دائرة من الضياء،
و إذا انتبه من النوم قد يبصر ما قرب منه زمانا ثم يفقده و ذلك لامتلاء العين من
النور في ذلك الوقت، و إن غمّضنا إحدى العينين اتسع مثقب العين الأخرى فنعلم أنه
يملأه جوهر نوري، و لو لا انصباب أجسام نورانية من الدماغ إلى العين لكان تجويف
العصبتين عديم الفائدة.
و ثانيها:أن الإحساس
بسائر الحواس ليس لأجل خروج شيء إلى المحسوس بل
اسم الکتاب : شرح الهداية الأثيرية المؤلف : الملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 221