اسم الکتاب : شرح الهداية الأثيرية المؤلف : الملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 216
أقول: يمكن الجواب عن الأول بأنّ شأن المحرّك بالنسبة إلى الحركة
الفعل و بالقياس إلى الغاية أي ما لأجله الحركة الأعداد كما هو مقرر عند الحكماء و
المعدّ من حيث أنه معد لا يكون فاعلا. لا يقال: ما حرّك شيئا إلى شيء كان المتوجه
إليه غاية للمحرك و المعنى بكونه غاية أنّ المقصود الأصلي هو فعل ذلك الشيء. و قد
اعترف الشيخ على ذلك حيث احتجّ على أن بين كل حركتين سكونا فقال: محال أن يكون
الواصل إلى حد ما واصلا إليه، بلا علية موجودة موصلة و محال أن تكون هذه العلة غير
التي أزالت عن المستقر الأول.
هذا كلامه، و هو يقتضي أن يكون المزيل عن الصورة الدموية و الموصل
إلى الصورة العضوية قوة واحدة لأنّا نقول: ما يحرك إليه المحرك قد يكون من حدود ما
فيه الحركة و حينئذ يكون كل حدّ فعلا باعتبار و غاية باعتبار، و قد يكون صورة
مخالفة بالذات بحدود ما فيه الحركة كصورة العضو فيما نحن فيه فيكون غاية لفعل
المحرك و هو معدّلها و لها فاعل آخر يفعل تلك الغاية.
و الذي ذكره الشيخ لا ينافي ما ذكرناه، فكل حركة و فعل لا ينفك عن
فاعله القريب و هو معدّ بالنسبة إلى حصول غاية أخيرة ليست من نوع فعله و لها فاعل
آخر أعلى من المحرك القريب فلهاضمة تفعل الإحالة و الهضم و يجعل المادة غذاء
بالقوة.
و أما الغاذية فهي التي تجعل المادة غذاء بالفعل و تحصل الصورة
العضوية بإعداد واهب الصورة.
و اعلم أن في هذا الموضع سؤالا مشهورا و هو: أنّ الحكماء جعلوا
المولّدة و المصوّرة و غيرها قوى النفس الناطقة و آلات لها و النفس حادثة بعد حدوث
المزاج و تمام صور الأعضاء، فالقول باستناد صور الأعضاء إلى المصورة قول بحدوث
الآلة قبل ذي الآلة و فعلها بنفسها من غير مستعمل إياها و هو باطل.
و أجيب عنه تارة بعدم تسليم أن النفس حادثة بل قديمة كما هو رأي بعض
الفلاسفة، و تارة بدعوى حدوثها قبل حدوث البدن كما هو رأي بعض الملّيّين، و تارة
بعدم جعل المصورة من قوى النفس الحيوانية أو الإنسانية للمولود بل بجعلها من قوى
نفسه النباتية المغايرة بالذات لنفسه الحيوانية أو الإنسانية كما هو رأي البعض، و
تارة بتصييرها من قوى النفس الحيوانية أو الناطقة للام و شيء من هذه الوجوه لا
يسمن و لا
اسم الکتاب : شرح الهداية الأثيرية المؤلف : الملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 216