اسم الکتاب : شرح الهداية الأثيرية المؤلف : الملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 196
من خبايا هذا المبحث الذي هو مضلّة الأفهام و مزلّة الأقدام و هو أن
للنفس إلى بدنها الذي له وحدة طبيعية من جهة أن له ذاتا شخصية و كثرة من جهة كونه
ذا أجزاء متكثرة متخالفة الأمزجة تعلقين، تعلق إجمالي و تعلق تفصيلي. و منشأ
تعلقها الإجمالي هو مزاجه النوعي الواحد المتميز عن أمزجة باقي الأنواع، و منشأ
تعلقها التفصيلي هو مزاجه العضوي. فكما أن أعدل الأمزجة النوعية هو مزاج الإنسان و
أعدل أمزجة الأعضاء هو مزاج روحه البخاري اللطيف فكذلك النفس الفائضة عليه إجمالا
و على روحه البخاري و باقي أعضائه بحسب الترتيب تفصيلا يجب أن يكون أشرف النفوس و
الصور. فما وقع في كلام الشيخ حيث أشير إليه من كون تعلق النفس إنما هو بمجموع
البدن فهو بالنظر إلى الاعتبار الأول و ما وقع في كلام المحقق من أن المزاج
المستعد لقبول النفس مطلقا هو مزاج الأرواح فهو بالنظر إلى الاعتبار الثاني فلا
منافاة بين القولين و هذه المسألة من الطبيعيات نظيره مسألة من الإلهيات و هي أن
طائفة من الحكماء صرحوا بأن العالم بجميع أجزائه حيوان واحد له نظام واحد هو أنسب
النظامات الممكنة فيكون صادرا عن الواحد الحق بلا توسط شيء أصلا، و كونه ذا أجزاء
متكثرة متباينة لا ينافي صدوره عن المبدأ الواحد من جميع الوجوه و الحيثيات و لا
يلزم من ذلك صدور الكثير عن الواحد الحقيقي و ذلك أن للعالم على هذا التقدير
جهتين، جهة وحدة شخصية وجهة كثرة اجتماعية، و الفرق بينهما على نحو الإجمال و
التفصيل فبالنظر إلى جهة وحدته حكم عليه بأنه يستند بالذات إلى الواحد الحق تعالى
من دون وسط و شرط. و بالنظر إلى جهة كثرته حكم عليه بأنه صدر على الترتيب السببي و
المسببي بأن أبسط أجزائه و أشرفها هو أقربها إلى الفاعل الحق ثم يتلوه في الصدور و
ما يتلوه في البساطة و الشرف و هكذا إلى أن ينتهي إلى أقصى الوجود، فمقصد الحكماء
في إثبات العقول و الوسائط و عدم نسبة المجسمات و المتكثرات إلى الباري إنما هو
تصحيح صدور العالم باعتبار حيثية كثرته و تفصيله و عدم مناسبته بعض أجزائه إلا
بتوسط بعض آخر لئلا ينثلم بصدورها أولا بلا مناسبة أحديته و مجده تعالى و تقدّس لا
باعتبار جهة وحدته و تشخصه إذ لا كثرة فيه من هذه الجهة، فعليك بهذا الأصل الشديد
النفع و اعمل في رويتك فيه لينفعك في كثير من المواضع.
الخامس:أنهم قالوا: أن
مزاج الإنسان أعدل الأمزجة و فيه إشكال لأن مزاج الإنسان خروجه عن الاعتدال
الحقيقي، أما إلى البرودة أو إلى الحرارة، فإن كان إلى
اسم الکتاب : شرح الهداية الأثيرية المؤلف : الملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 196