اسم الکتاب : شرح الهداية الأثيرية المؤلف : الملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 195
في كتبهم و لكن من لم يجعل اللّه له نورا فما له من نور. انتهى كلامه
قدّس سره.
قال صاحب «المحاكمات»: و هذا غير مستقيم، لأن الشيخ صرّح في
مواضع من كتاب «القانون» أن الروح و القلب أحرّ ما في البدن، حارّان جدا
مائلان إلى الإفراط و الخفيفان غالبان على الأرواح، فالقول بقرب الخفيف و الثقيل
فيها إلى التساوي مما ينافيه قطعا.
أقول: لعمري أن الكلام المحقق في هذا المقام في غاية الاستقامة و
الصواب و ما صرح به الشيخ من أن الروح و القلب أحرّ ما في البدن لا ينافي ما ذكره
بل اعتدالهما يقتضي ذلك. و معنى غلبة الخفيفين على الأرواح أنهما كذلك بالإضافة
إلى أمزجة الأعضاء ثم بعد الإغماض عن ذلك نقول: أن غلبة الخفة على جسم لا ينافي
كونه أقرب إلى التساوي من جسم آخر لا يكون كذلك لجواز أن يكون غلبة الخفة عليه أقل
من غلبة الثقل على ذلك الجسم. و من جوّز كون الحرارة و الخفة غالبة على القلب مع
ما يشاهد من ثقله الطبيعي و كثافته فقد خرج عن الإنصاف. ثم قال: بل الحق في الجواب
أن كلام الشيخ في الاعتدال النوعي لا العضوي، فإن تعلق النفس إنما هو بمجموع البدن
ضرورة أن تعلقها بحسب التدبير و التصرف و ذلك لا يتم إلا بأعضاء آلية فالمزاج
المعدّ لفيضان النفس ليس مزاج عضو من الأعضاء بل هو مزاج جميع البدن، أعني جميع
أمزجة الأعضاء و ذلك المزاج أقرب إلى الاعتدال من أمزجة الأنواع الآخر. و أما أن
أوّل تعلق النفس بالروح أو بالقلب فذلك بحث آخر و إنما ذهبوا إليه لأن تعلّق النفس
بالبدن للاستكمال و الاستكمال به إنما يكون بالأعمال و الحركات الصادرة من الأرواح
التي منشأها القلب. فإن قلت: لما كان التفاوت الصوري في الكمال بحسب اختلاف مراتب
الاعتدال حتى أن انكسار الكيفيات كلما كان أتم كان النسبة إلى المبدأ أكمل، و
الصورة الفائضة عليه أفضل وجب أن يكون الصورة الفائضة على الجلد أكمل الصور لأنه
أعدل الأعضاء و ليس كذلك. فنقول:
ليس في الاعتدال إلا استحقاق صورة، و مجرد ذلك لا يكفي في فيضانها بل
لا بد مع ذلك من أن يكون الممتزج محلا لتصرف الصورة و تأثيراتها و العضو ليس كذلك،
انتهى كلامه.
و أقول: لا يخفى على الخبير ما فيه من الخلل و القصور و تحقيق الحق
في هذا المقام بحيث يزول الشك عن مرامهم و يرتفع التدافع عن كلامهم يستدعي إظهار
شيء
اسم الکتاب : شرح الهداية الأثيرية المؤلف : الملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 195