اسم الکتاب : شرح الهداية الأثيرية المؤلف : الملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 162
و أما الثانية:فلما بيّن أن
الجسم الإبداعي لا يجوز عليه الاستحالة و حركة الجسم الكائن الفاسدة لا يحفظ
الزمانلا جائز أن تكون
مستقيمة لأنها حينئذ إما أن تذهب إلى غير النهاية أو لا،بل ترجع أو تنعطف،لا سبيل إلى الأول و إلا لزم وجود بعدغير متناه لأنّ الحركة المستقيمة الذاهبة إلى غير النهاية بلا رجوع و
لا انعطاف لا بدّ لها من سمت غير متناه و هو محال، فالمراد من البعد هاهنا ما يكون
باعتبار المسافة لا ما يكون باعتبار الزمان لأن عدم تناهي البعد الزماني عندهم
جائز بل هو واقع و عليه مبني الكلام.
و أما ما في شرح القاضي إذ الحركة الموجودة ليست بعدا و الحركة التي
هي بعد ليست موجودة فمبناه على نفي وجود الحركة القطعية و قد أشبعنا فيه من الكلام
بما يفي بالمرام. و لا سبيل
إلى الثاني لأنها لو رجعتأو انعطفتلكانت تنتهي قبل حصول الرجوعأو الانعطافإلى طرف فيكون منقضيته [للسكون]لأن هاهنا حركتين مختلفتين بالجهة إحداهما الحركة المنتهية إلى الطرف
المذكور قبل الرجوع أو الانعطاف، و الأخرى الحركة المبتدئة من الطرف المذكور بعد
الرجوع و الانعطاف فيلزم انقطاع الحركة الأولىلأن بين كل حركتين مختلفتين سكونا لأن الميلالمقتضي للحركة الأولىالموصل للجسمالمتحرك بهاإلى ذلك الطرف موجود حال الوصول لأنه
يفعل الإيصال حال الوصولإذ الوصول لا
يوجد بدون الإيصال لكونهما متضايفين فلا يتصور تحقق أحدهما بدون الآخر. و فعل
الإيصال لا يوجد بدون الميل الموصلفلو لم يكن الميلالموصلموجودا حال الوصول استحال أن يفعل
الإيصال حال الوصول،قيل: عليه لا
نسلّم أن الميل فاعل الوصول حتى يلزم وجوده حال الوصول بل هو معدّ للوصول كالحركة
فلا يجب بقاؤه مع المعلول.
أقول: الوصول لكونه أثرا موجودا لا بدّ له من فاعل موجود معه سواء
كان ذلك الفاعل ميلا أو غيره، و لننقل الكلام إليه و لنسمه ميلا،و كلما كان الميل الموصل موجودا لم
يحدث فيه ميل يقتضي كونه غير موصل لاستحالة اجتماع الميلين الذاتيين المتنافيينفي الجهة لأن ما يفعل الإيصال من حيث أنه يفعل
الإيصال ينافي ما يفعل اللاوصول من حيث هو كذا، فلا يمكن اجتماعهما من هاتين
الحيثيتين في مادة واحدة في زمان واحد. فاندفع المنع الذي أورده الإمام بقوله:
أنّا لا نسلّم الاستحالة المذكورة سواء أراد بالميل مبدأ المدافعة أو نفس المدافعة
و إن كان الثاني أفحش.
اسم الکتاب : شرح الهداية الأثيرية المؤلف : الملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 162