اسم الکتاب : سه رسائل فلسفى المؤلف : الملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 279
المعراج و زعموا انه لم يكن بجسد و أولو بعضهم عذاب القبر [و
الميزان] و الصراط [1] و جملة من الأحوال الآخرة [2] و لكن اقروا بحشر الأجساد و
الجنة المحسوسة و اشتمالها على المأكولات و المشروبات و المنكوحات و الملاذ الحسية
و بالنار المحسوسة و اشتمالها على جسم محسوس يحرق الجلود و يذيب الشحوم و على
عقارب تلذع و حيّات تلسع.
و من ترقيهم الى هذا الحد من التأويل، زاد المتفلسفون و الطبيعيون و
الأطباء فأولوا كلما ورد في الآخرة و ردوها الى آلام عقلية روحانية و لذات عقلية
روحانية.
و انكروا حشر الاجساد و قالوا ببقاء النفوس مفارقة عن الابدان، اما
معذبة بعذاب أليم و اما منعمة براحة و نعيم لا يدرك بالحس.
و هؤلاء هم المسرفون عن حد الاقتصاد [3] الذي هو بين برودة جمود
الحنابلة و حرارة جرأة المؤولة [4].
و اما الاقتصاد الذي لا يفوته الغالي و لا يدركه المقصر، فهو امر
دقيق و منهج انيق، لا يطلع عليه الا الراسخون في العلم [5] و الكاملون في المعرفة،
الذين يدركون حقايق الأشياء بنور قدسي و روح إلهي، لا بالسماع الحديثي و لا بالفكر
البحثي.
اقول: و كما ان الاقتصاد الفلك في طرفي التضاد [6] هو عبارة عن
الخروج
[4]في تفسير آية الكرسي: و حرارة الخلال المؤولة ...
[5]الا الراسخون في العلم و الحكمة و المكاشفون، الذين يدركون
الامور بنور إلهي لا بالسماع الحديثي و لا بالفكر البحثي ... تفسيره الكبير.
[6]اقول: كما ان اقتصاد الفلك في طرفي التضاد ليس من قبيل
اقتصاد الماء الفاتر الواقع في جنس الحرارة و البرودة، بل الممتزج منهما فكذا
اقتصاد الراسخين في العلم، ليس كاقتصاد الاشاعرة لانه ممتزج من التأويل في البعض و
التشبيه في البعض. و اما اقتصاد هؤلاء فهو ارفع من القسمين و اعلى من جنس الطرفين.
اسم الکتاب : سه رسائل فلسفى المؤلف : الملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 279