فنقول : إن النفس تعقل بأن تأخذ فى ذاتها صورة المعقولات مجردة عن المادة ، وكون الصورة مجردة إما أن يكون بتجريد العقل إياها ، وإما أن يكون لأن تلك الصورة فى نفسها مجردة عن المادة ، فتكون النفس قد كفيت المؤنة فى تجريدها.
والنفس تتصور ذاتها ، وتصورها ذاتها يجعلها عقلا وعاقلا ومعقولا [١] ، وأما تصورها لهذه الصور فلا يجعلها كذلك [٢] ، فإنها فى جوهرها فى البدن دائما بالقوة عقل [٣] ، وإن خرج فى أمور مّا إلى الفعل.
وما يقال من أن ذات النفس تصير هى المعقولات ، فهو من جملة ما
[١] قال فى ص ٤٤٨ ج ١ من المباحث المشرقية : « اعلم ان الشيخ فى جميع كتبه مصرّ على ابطال الاتحاد الاّ فى كتاب المبدأ والمعاد وذلك عند ما قال فى بيان ان واجب الوجود عاقل ». [٢] فى تعليقة نسخة : اى لا تصير متحدة مع المعقولات ولا يصير عقلا بنحو الاطلاق. [٣] فى تعليقة نسخة : اى مادام فى البدن لها القوة ولا يكون عقلا مطلقا.