فنقول : إن القوة العقلية لو كانت تعقل بالآلة الجسدانية حتى يكون فعلها الخاص إنما يستتم [١] باستعمال تلك الآلة الجسدانية ، لكان يجب أن لا تعقل ذاتها وأن لا تعقل الآلة وأن لا تعقل أنها عقلت ، فإنه ليس بينها وبين ذاتها آلة ، وليس لها بينها وبين آلتها آلة ، وليس لها بينها وبين أنها عقلت آلة ، لكنها تعقل ذاتها وآلتها التى تدّعى لها وانّها عقلت [٢] فإذن تعقل بذاتها لا بآلة.
بل قد نحقق فنقول : لا يخلو إما أن يكون تعقلها آلتها لوجود ذات صورة آلتها تلك ، أو لوجود صورة أخرى مخالفة لها بالعدد ، وهى أيضا فيها وفى آلتها ، أو لوجود صورة أخرى غير صورة آلتها تلك بالنوع ، وهى فيها وفى آلتها.
فإن كان لوجود صورة [٣] آلتها فصورة آلتها فى آلتها [٤] وفيها بالشركة دائما. فيجب أن تعقل آلتها دائما ، إذ كانت إنما تعقلها لوصول
[١] وفى نسختين من الشفاء عندنا « انما يستقيم » مكان « انما يستتم ». وفى النجاة : « انما يتمّ ». [٢] اى تعقل انها عقلت. [٣] اى ذات صورة آلتها. [٤] فى تعليقة نسخة : قوله : « فصورة آلتها فى آلتها وفيها بالشركة » يعنى ان صورة آلتها قائمة فى مادة آلتها فيكون فى آلتها. وكذلك تكون فيها اى فى القوة العاقلة ايضا لانّ المفروض ان القوة العاقلة حالة فى مادة آلتها. فهى ـ اعنى صورة الآلة ـ كما تكون حاضرة لمادة الآلة تكون حاضرة للقوة العاقلة ايضا فيجب ان تكون عاقلة لصورة الآلة دائما. وقوله : « بالشركة » معناه ان صورة الآلة صورة واحدة موجودة لكليهما لا ان تكون الموجودة للعاقلة صورة اخرى مخالفة للموجود للآلة بالوجود او بالماهية فتدبّر لتفهم معنى قوله « وفى آلتها » فى العبارتين السابقتين ايضا. ملا عبد الرزاق.