معنى النسبة بينهما والحكم بينهما [١] فإن الذكر لذاته وبجبلّته [٢] ينال ذلك. فإذا لاح للمتخيلة تلك الصورة من خارج تحركت فى المصورة وتحرك معها ما قارنها من المعانى النافعة أو الضارة ، وبالجملة المعنى الذى فى الذكر على سبيل الانتقال والاستعراض الذى فى طبيعة القوة المتخيلة فأحس الوهم بجميع ذلك معا فرأى المعنى مع تلك الصورة ، وهذا هو على سبيل يقارب التجربة ، ولهذا تخاف الكلاب المدر والخشب وغيرها.
وقد تقع للوهم أحكام أخرى بسبيل التشبيه بأن تكون للشىء صورة تقارن معنى وهميا فى بعض المحسوسات وليس تقارن ذلك دائما وفى جميعها ، فيلتفت مع وجود تلك الصورة إلى معناها ، وقد تخلف.
فالوهم حاكم فى الحيوان يحتاج فى أفعاله إلى طاعة هذه القوى له ، وأكثر ما يحتاج إليه هو الذكر والحس ؛ وأما المصورة فيحتاج إليها بسبب الذكر والتذكر.
[ الفرق بين الذكر والتذكر ]
والذكر [٣] قد يوجد فى سائر الحيوانات ، وأما التذكر وهو الاحتيال لاستعادة ما اندرس فلا يوجد على ما أظن إلا فى الإنسان ، وذلك انّ الاستدلال على أن شيئا كان فغاب [٤] إنما يكون للقوة النطقية ، وإن كان
[١] والحكم فيها ، والحكم فيهما ، نسختان. [٢] لجبلّته ، نسخة. [٣] فى التصريح : الذكر باللسان ضد الانصات وذاله مكسورة ، وبالقلب ضد النسيان وذاله مضمومة قاله الكسائى. [٤] كما فى النسخ التى عندنا. وفى المطبوعة بمصر : « كان فغات ».