بالثدى ، ومثل حال الطفل إذا أقلّ [١] وأقيم فكاد يسقط من مبادرته إلى أن يتعلق بمستمسك لغريزة جعلها فيه الإلهام الإلهى ، وإذا تعرض لحدقته بالقذى [٢] بادر فأطبق جفنيه قبل فهم ما يعرض له وما ينبغى أن يفعل بحسبه كأنه غريزة لنفسه لا اختيار معه وكذلك للحيوانات إلهامات غريزية ، والسبب فى ذلك مناسبات موجودة بين هذه الأنفس ومبادئها هى دائمة لا تنقطع غير المناسبات التى يتفق أن تكون مرة وأن لا تكون ، كاستعمال [٣] العقل وكخاطر الصواب ، فإن الأمور كلها من هناك. وهذه الإلهامات يقف بها الوهم على المعانى المخالطة للمحسوسات فيما يضر وينفع ، فيكون الذئب تحذره كل شاة وإن لم تره قط ولا أصابتها منه نكبة [٤] ، وتحذر الأسد حيوانات كثيرة ، وجوارح [٥] الطير يحذرها سائر الطير وتشنّع [٦] عليها الطير الضعاف من غير تجربة ؛ فهذا قسم.
وقسم آخر يكون لشىء كالتجربة ، وذلك أن الحيوان إذا أصابه ألم أو لذة أو وصل إليه نافع حسى أوضار حسى مقارنا لصورة حسية ، فارتسم فى المصورة صورة الشىء وصورة ما يقارنه ، وارتسم فى الذكر
ـ الاخر المطلوب او المهروب ولهذا يخاف الكلاب المدرو الخشب ( المباحث المشرقية ص ٤٣٨ ج ٢ ).
[١] اى رفع وقام. [٢] وهو ما دفع فى العين من تراب او تبن او وسخ. [٣] كاستكمال ، نسخة. [٤] النكبة ما يصيب الانسان من الحوادث والجمع نكبات. [٥] جمع جارحة : مرغان شكارى. [٦] تشنّع اى تهيا للقتال. وفى تعليقة نسخة : التشنيع له معانى متعددة واحد معانيه الجدّ فى السير وهو المناسب هيهنا.