كأنا قد استقصينا القول فى حال المتخيلة والمصورة. فيجب أن نتكلم فى حال المتذكرة ، وما بينها وبين المفكرة ، وفى حال الوهم ، فنقول :
إن الوهم هو الحاكم الأكبر فى الحيوان ، ويحكم على سبيل انبعاث تخيلى من غير أن يكون ذلك محققا ؛ وهذا مثل ما يعرض للإنسان من استقذار العسل لمشابهته المرارة [١] ، فإن الوهم يحكم بأنه فى حكم ذلك ، وتتبع النفس ذلك الوهم وإن كان العقل يكذبه. والحيوانات وأشباهها من الناس إنما يتبعون فى أفعالهم هذا الحكم من الوهم الذى لا تفصيل منطقيا [٢] له ، بل هو على سبيل انبعاث مّا فقط ، وإن كان الإنسان قد يعرض لحواسه وقواه بسبب مجاورة النطق ما يكاد أن تصير قواه الباطنة نطقية مخالفة للبهائم. فلذلك يصيب من فوائد الأصوات المؤلفة والألوان
[١] زهره دان. هى التى تجمع المرّة الصفراء معلقة مع الكبد كالكيس. [٢] نطقيا. نسخة.