وأما الحس المشترك فهو بالحقيقة [١] غير ما ذهب إليه من ظنّ أن للمحسوسات المشتركة حسا مشتركا ، بل الحس المشترك هو القوة التى تتأدى إليها المحسوسات كلها ، فإنه لو لم تكن قوة واحدة تدرك الملون والملموس لما كان لنا أن نميّز بينهما قائلين : إنه ليس هذا ذاك. وهب أن هذا التميز هو للعقل ، فيجب لا محالة أن يكون العقل يجدهما معا حتى يتميّز بينهما ، وذلك لأنها من حيث هى محسوسة وعلى النحو المتأدى من المحسوس لا يدركها العقل كما سنوضح بعد. وقد نميّز نحن بينهما ، فيجب أن يكون لها اجتماع عند مميّز إمّا فى ذاته [٢] وإما فى غيره ، ومحال ذلك فى العقل على ما ستعلمه. فيجب أن يكون فى قوة أخرى.
ولو لم يكن قد اجتمع عند الخيال من البهائم التى لا عقل لها المائلة
[١] واما الحس الذى هو المشترك فهو بالحقيقة. نسخة. [٢] قوله : « فى ذاته » كالحس المشترك فانه يكون الاجتماع فى ذاته. قوله : « واما فى غيره » كالنفس فانه يكون الاجتماع فى غير ذاته كالحس المشترك.