لأمر فى بصر الإنسان لا لأمر فى ضوء الهباءات ، فإن بصر الإنسان إذا كان مغلوبا بضوء كثير لم يرها ، وإن لم يكن مغلوبا رآها. وكذلك هذه اللوامع فى الليل ليست جنسا آخر ، بل هى المضيئات ويخالفها لا فى جملة الطبع ، بل فى الضعف [١] ، ولو كانت هذه مخالفة للمضيئات فى جملة الطبع ، فالكواكب كذلك.
ولا يتحصل لهذه القسمة محصول صادق ، إلا أن يقال : إن بعض المضيئات باهرة لبعض وبعضها مبهورة لبعض. ومعنى ذلك البهر ليس تأثيرا منها فيها ، بل فى إبصارنا ، كما أن بعض الصلابات أصلب وبعضها أضعف فلا يجب إذن أن يقال : إن اللواتى تلمع فى الليل نوع أو جنس مفرد خارج عن الملونات والمضيئات ، بل هى من جملة المضيئات التى يبهرها ما فوقها فى الإضاءة فلا ترى معها لعجز أبصارنا حينئذ ، بل إنما تقوّى عليها أبصارنا عند فقدان سلطان الباهرة لأبصارنا من المضيئات.
فإن ذهبوا إلى هذا فالقسمة جيدة ، إلا أنهم ليسوا يذهبون إلى هذا بل يوهمون أن المضيئات طبقة ، والملوّنات طبقة ، وهذه [٢] طبقة.
[١] فى تعليقة نسخة : بحيث لا يرى فى الضوء القوى. [٢] اى اللوامع فى الليل.