اسم الکتاب : الشفاء - الطبيعيات المؤلف : ابن سينا الجزء : 1 صفحة : 225
متناهية الشدة كالميل الثقيل أو الخفيف، فإن ذلك يوجب وقوع فعله لا
فى زمان، و يستحيل أن تكون حركة لا فى زمان، و إنما يجب أن يقع لا فى[1]زمان، لأنه كما[2]اشتدت
القوة قصرت المدة، و إذا[3]لم
تتناه فى الاشتداد بلغت من الصغر ما لا نهاية له.
فيجب أن ينظر فى حال القوى و تناهيها و لا تناهيها، و قبل ذلك نقول
إن القوة يقع بينها و بين قوة أخرى تفاوت فى أمور: منها سرعة ما تفعله[4]و بطؤه، و منها طول مدة استبقاء ما تفعله و قصرها، و منها كثرة عدة
ما تفعله[5]و قلتها[6]. مثال الأول أن أشد الراميين[7]قوة فهو أسرعهما بالرمى لمسافة معينة قطعا[8]، و مثال الثاني أن أشد
الراميين قوة هو أطولهما زمان[9]نفوذ
الرمية فى الجو مع تساوى المعانى الأخر، و مثال الثالث أن أشد الراميين قوة هو
أكثرهما[10]قدرة على رمى بعد رمى. و إذا كان التفاوت يقع من هذه الوجوه،
فالتزايد[11]يقع على هذه الوجوه، و الأزيد يقع على هذه الوجوه. فالذاهب[12]فى الزيادة إلى غير غاية يقع على هذه الوجوه. و لأن القوة فى نفسها
لا كمية لها و إنما كميتها بالعرض، إما بالقياس إلى الشيء الذي فيه القوة، و إما[13]بالقياس إلى الشيء الذي عليه القوة. و الشيء الذي فيه القوة يكون
أبدا[14]متناهيا، إذ[15]الأجسام
متناهية، و لو كانت غير متناهية لكانت القوة تكون نسبتها غير متناهية، فبقى أن
تكون القوة إنما هى متناهية و غير متناهية بالقياس إلى كمية ما عليه القوة. فإذا
كان ذلك الشيء جائزا فيه أن يكون غير متناه على نحو الجواز[16]الذي لغير المتناهى، كانت القوة بالقياس إليه غير متناهية. فلينظر
أنه هل يجب أن يكون لو كان جسم يقوى على أمر من[17]الثلاثة، و كان غير[18]متناه،
أن تكون قوته أيضا غير متناهية[19]بالقياس
إلى ذلك الأمر من الأمور الثلاثة، فنقول إنه إن كان يجب أن يكون الجسم الأعظم أوفر
قوة و أكثر فى الأمر المقيس إليه من الأمور الثلاثة، فيجب إذا كان غير متناه أن
تكون قوته غير متناهية. و أنت تعلم أن قوة جملة محركين و فاعلين اثنين[20]أى فعل كان، أكثر من قوة أحدهما، فإن الجملة تقوى على ما يقوى عليه
الواحد و على أمر خارج