اسم الکتاب : الشفاء - الطبيعيات المؤلف : ابن سينا الجزء : 1 صفحة : 224
فإن كان انفعال[1]المنفعل
عن الفاعل لطبيعتهما[2]، فمن شأن جزء من أحدها الذي
هو المنفصل أن ينفعل عن جزء من الآخر، فإذا فعل جزء من غير[3]المتناهى فى المتناهى أو فى جزء منه فى زمان، فتكون نسبة ذلك الزمان
إلى الزمان الذي يفعل فيه بعينه غير المتناهى، كنسبة قوة غير المتناهى إلى قوة
المتناهى. فإن لأجسام كلما كانت أعظم صارت قوتها أشد، و كانت أفعل[4]و زمانها أقصر. فيجب من ذلك أن يكون فعل غير[5]المتناهى لا فى زمان، و قد فرض فى زمان. و إن[6]كان ذلك المنفعل غير متناه، فإن نسبة انفعال جزء منه إلى انفعال الكل
كنسبة الزمانين، فيجب أن يقع انفعال كل جزء منه لا فى زمان، و يكون انفعال الجزء
الأصغر من ذلك أسرع من انفعال الجزء الأكبر، إذ[7]كان الصغر[8]مقتضيا
للسرعة، فيكون شيء أسرع من الكائن لا فى زمان. و أيضا إذا فرضنا للمنفعل جزءا
فانفعل لا فى زمان[9]، فلا يخلو إما أن يقع
انفعال ما يليه مع انفعاله فيكون انفعال الجميع واقعا لا فى زمان، و إما أن يقع
بعده. فلنفرض جزء آخر[10]بعده فلا يخلو إما[11]أن
يكون ذلك الجزء انفعل معه فيعرض ما قلنا[12]، أو انفعل[13]بعده أيضا لا فى زمان فتكون لآنات تتتالى، و الحق[14]يمنع هذا. و إذ[15]قد
عرفت هذا من جهة الفعل، فلك أن تعرف مقابل ذلك من جهة لانفعال، فمعلوم من هذا أن
الاسطقسات التي[16]يفعل بعضها فى بعض[17]فعلا
زمانيا، و تكون كلما[18]عظمت ازدادت قوة كلها متناهية.
و ليس لقائل أن يقول: إن قوة الأجسام صورها و الصورة لا تشتد و لا
تضعف، و ذلك لأنها و إن كانت لا تشتد فى جوهرها، فيشتد تأثيرها فى الزيادة، أعنى
أنه و إن كان لا يجوز أن تكون[19]الصورة
التي فى هذه النار تشتد و تضعف، لا فى[20]هذه
النار و لا فى مثلها، فإنها فى ضعف النار تكون أقوى، و فى ضعف المدرة تكون أثقل.
و ليس هذا بمعنى[21]زيادة
الشدة فى الجوهر، بل فى زيادة الأثر. على أن الصور نفعل بأعراض تشتد و تضعف[22]مع تكثر السور و تضعفها[23]تبعا
للمقدار، و هذا نوع من التزايد[24]فى[25]الصور غير التزايد الكائن بالاشتداد، و أنت تعلم هذا بعد. و من هذه
الأشياء يعلم أنه لا يكون فى جسم من الأجسام قوة على التحريك القسرى أو الطبيعى
غير