اسم الکتاب : الشفاء - الطبيعيات المؤلف : ابن سينا الجزء : 1 صفحة : 211
و من ذلك أمر الكون و الفساد الذي يظن به أنه أمر غير منقطع، و من
هناك يظن أنه يجب أن يكون له مادة غير متناهية، فبعض يجعلها جسما من الأجسام
البسيطة نارا أو هواء أو ماء[1]، و بعض[2][3]يجعلها جسما متوسطا بين جسمين منها[4]كمن يجعلها البخار المتوسط بين الماء و الهواء، و بالجملة يجعلها[5]الجسم الذي يعتقد أنه يتكون من كل شيء، و منهم من يجعلها أجساما
كثيرة بلا نهاية يجتمع[6]منها
جسم واحد يسميه خليطا، و منهم من يجعلها أجساما كثيرة بلا نهاية[7]فى العدد، لكنها ليست متلاقية، بل[8]منفصلة مثبوتة فى خلاء غير متناه. فمن هؤلاء من يجعل صورها التي هى
عندهم أشكالها بلا نهاية فى النوع و منهم من يجعل لأنواع[9]صورها عددا متناهيا، و إنما الجأهم إلى هذا ظنهم أنه لا بد من ذلك،
فإنه يجب أن يكون للكون غير[10]المتناهى
مادة وافرة لا ينقطع إمدادها[11]. و
من هؤلاء من يجعل غير المتناهى[12]مبدأ،
لأنه طبيعة غير المتناهى، لا لأنه شيء عرض له أن لا يتناهى. و من[13]الوجود التي تدعو قوما إلى توهم[14]إثبات ما لا نهاية له، ما يتخيل من أن كل متناه فيلحقه أن يكون
تناهيه إلى شيء على نحو المشاهدات، فيلحق من ذلك أن يكون كل جسم يتناهى إلى جسم،
و أن يذهب ارتكام[15]الأجسام و انتضادها إلى غير النهاية. و من هذه الوجوه مقتضى التوهم و
حكمه. فإن التوهم لا يضع لشيء من الأشياء حدا يتعين[16]عليه، بل دائما للوهم أن يتوهم أزيد منه.
فهذه الوجوه[17]هى
الوجوه الداعية إلى إثبات ما لا يتناهى.