اسم الکتاب : الشفاء - الطبيعيات المؤلف : ابن سينا الجزء : 1 صفحة : 179
طرفاهما معا لا فى المكان، بل فى الوضع الواقع عليه الإشارة. فإن
الأطراف ليست فى مكان البتة و لها وضع ما و النقطة أيضا لها وضع، فإن الوضع هو[1]أن يكون الشيء بحيث ممكن أن يشار إليه أنه جهة مخصوصة. و المتماسان تقع
هذه الإشارة على طرفهما[2]معا.
و إذا كان شيئان يتعدى لقاء كل منهما طرف الآخر حتى يلقى ذات الآخر
بأسره لم[3]يكن ذلك مماسة، بل كان مداخلة، فإنه ليست المداخلة[4]إلا أن تدخل كلية ذات فى الآخر[5]، و ليس ذلك الدخول[6]إلا أن يلقى أحدهما كل ما قيل إنه مداخل فيه، فإن ساواه كان لا شيء
من هذا إلا و هو ملاق للآخر، و إن فصل أحدهما لم يكن داخله كله بل داخله ما
يساويه[7]منه. فحقيقة المداخلة أن يكون لا شيء من ذات هذا إلا و يلقى ذات
الآخر، فلا يرى[8]شيء لا يلقى الآخر و أما كون المتداخلين فى مكان واحد فهو أمر يلزم
المداخلة، و ليس هو مفهومها بل مفهومها الملاقاة بالأسر. و إذا كان شيء يلاقى
الآخر بالأسر، و الآخر لا يفضل عليه، فما يلقى الآخر يلقى الأول، و إلا فسيوجد فيه
بالملاقاة شيء خاليا عن الأول. و قيل إن الأول لاقاه كله، و لم يفضل عن الثاني
عليه، هذا خلف. فالمتلاقيات[9]بالأسر،
أى شيء لاقى أحدهما لاقى الآخر، و لا يحجب واحد منهما عن مماسة الآخر، و لا يزداد
الحجم باجتماع ألف منها[10]، و هذا هو[11]سبيل ألف نقطة لو[12]اجتمعت.
و إذا كاد شيء يلاقى شيئا، و يلقى[13]الملاقى
شيء لا يلقى[14]الأول، فهناك فضل فى ذاته عما لاقى الأول، ذلك[15]الفضل[16]يناله الملاقى الثاني فارغا عن الملاقاة الأولى. و هذه الأشياء كلها
بينة فى العقل. و كذلك إذا كان الشيء مشغولا بالملاقاة[17]حتى تكون الملاقاة تمنعه عن ملاقاة شيء آخر، فإما أن يكون مشغولا،
كله أو بعضه. فإن كان كله لم يماسه ثالث، و إن كان بعضه الأول فلا يكون لا الشغل و
لا المماسة شغلا بالأسر أو مماسة بالأسر و هذه مقدمات بينة بنفسها، و ما ورد[18]من النقض لها فهو نقض مقدمات أعم منها، و هو ما يقال من أن الشيء قد
يكون كله معلوما بالقياس[19]إلى
شيء، و عند شيء مجهولا بالقياس إلى آخر، و عند آخر من غير انقسام، و يكون الشيء
يمين شيء و ليس يمين شيء من غير انقسام، و لذلك[20]يكون مشغولا بأسره بالقياس إلى شيء، فارغا بالقياس إلى شيء آخر من
غير انقسام فأول ما يغلطون فى هذا أن هذا ينقض[21]قول قائل من[22]جهة
أخرى[23]إنه لا يجوز أن يكون
[1]وضع فإن الوضع هو: وضع هو سا، م، وضع
ما و الوضع ط.